-A +A
محمد الساعد
ما هي قصة هدم «جبل أُحد»، الجبل المهم في التاريخ الإسلامي، ورويت فيه أحاديث كثيرة، وفي حياضه وقعت ثاني حروب الإسلام، إشاعة تدور بكثافة -اليوم- في بعض الأوساط الشعبية العربية والإسلامية، لكن قبل الإجابة على السؤال دعونا نذهب إلى ما قبل مئة عام تقريباً، لنجد أن هناك قصة مشابهة واجهت الملك عبد العزيز في بداية نشأة الدولة السعودية الثالثة ونضع مقاربة معها.

مع علو شأن السعودية الثالثة في الأوساط الدولية وتمكنها من استعادة جغرافيتها السياسية بما فيها خدمة الحرمين الشريفين، لم يجد أعداؤها من سبيل لإسقاطها إلا باغتيالها إسلامياً وتشويه سمعتها دينياً وإعادة نشر الشائعات وحشد الخصوم كما فعلوا مع الدولة السعودية الأولى التي واجهت -حينها- هجمة غير أخلاقية اتهمتها بالكفر واختلاق مذهب جديد على غير الحقيقة، لكنها قوى الظلم التي ما أن ترى أبناء الجزيرة العربية يحاولون النهوض وبناء مشروعهم الحضاري إلا وتبادر تلك القوى بحياكة المؤامرات ضدهم لإحباطهم والإيقاع بهم.


وما أن بدأ مشروع الملك عبد العزيز الوحدوي -من الأحساء شرقاً إلى الحرمين الشريفين غرباً- بالاكتمال حتى بدأت الأصوات المناوئة في استعادة أدواتها القديمة من أكاذيب وافتراءات مشيعين قيام السعوديين بهدم القبة الخضراء والتعدي على الحجرة النبوية والقبر الشريف، وهو ما ثبت كذبه لاحقاً.

التهمة انتشرت في العالم الإسلامي كالنار في الهشيم، بالتأكيد أن من روّجها هم صنّاع الكوابيس من خطباء وزعامات دينية وسياسية -الموجودين في كل زمان ومكان- إمعاناً في كراهية الدولة السعودية، التهمة المزورة صادفت وقتاً كانت فيه الدولة السعودية الثالثة لا تزال في بداياتها وليست لديها إمكانات إعلامية تواجه الشائعات والأكاذيب التي تمس مقدساً من مقدسات الإسلام.

الملك عبد العزيز الواثق من نفسه ودولته وحرصه على خدمة الحرمين الشريفين دعا بفطنته إلى انعقاد مؤتمر إسلامي في مكة المكرمة -كان هو الأول في تاريخ القمم الإسلامية- العام 1344هـ- 1926م، حضرته زعامات دينية وسياسية من العالم الإسلامي أجمع، ليتيح لهم زيارة الأماكن المقدسة للتأكد عن قرب من كذب الشائعات وعدم دقتها. تمكّن الملك عبد العزيز من تفنيد شائعة هدم القبة الخضراء، ومع ذلك بقيت الحملات على السعوديين كما هي يتوارثها أعداؤها جيلاً بعد جيل.

اليوم يثير خصوم السعودية شائعة أخرى تروج في بعض الأوساط الشعبية العربية والإسلامية تصب في نفس الهدف وتخرج من نفس المنابع تقول: إن السعوديين عازمون على هدم جبل أحد أو بدأوا بالفعل في هدم الجبل الذي يبلغ طوله 7 كيلومترات، وعرضه بين 2 و3 كيلومترات، وارتفاعه يصل إلى قرابة 1077 متراً، ويبعد 5 كيلومترات عن المسجد النبوي.

وبالرغم من دخول أكثر من 13 مليون معتمر وزائر للحرمين الشريفين، رأوا بأنفسهم أن الجبل بحجمه الضخم في مكانه والمشاعر المقدسة جميعها مكانها، إلا أن تلك الشائعة تلقى قبولاً ورواجاً في الأوساط الشعبية العربية والإسلامية، دون أن يقوم مرجع ديني بتفنيدها أو تكذيبها.

بالتأكيد الهدف ليس جبل أحد، فلن يُهدم، ولم يفكر أحد في هدمه، بل إن خدمة الحرمين الشريفين هي أولى أولويات السعوديين، الفكرة هي محاولة هدم المشروع السعودي الجديد الذي يرعاه الملك سلمان، ويقوده الأمير محمد بن سلمان، كما حاولوا هدم مشروع الملك عبد العزيز من قبل.