-A +A
محمد الساعد
لطالما تباهى الغرب بوقوفه بصرامة مع حقوق المرأة، وتحديداً خلال القرن الماضي، وبنى نظرته للعالم حكومات وأفراداً من خلال تلك الحقوق - حسب زعمه - وأصبح معياره للتحضر والتمدن والإنسانية هو المرأة، وقسم العالم إلى فسطاطين، خير يعطي المرأة حقوقها وينافح عنها، أو شرير لا يعطيها حقها وينتهكها، ويجب معاقبته وملاحقته.

ما سبق هي رحلة الغرب من الدفاع عن المرأة إلى تقزيمها وتهميشها ونزع سلطتها واستباحة تفردها، وتحويلها إلى أداة متعة سيشاركها فيها - حسب نزعته الفاسدة - الرجال والأطفال والحيوانات.


كل تلك الادعاءات سقطت بمجرد أن نزع اليساري الغربي قناعه بلا حياء، وبدأ في الإعلان عن شهواته بكل بجاحة.

لقد كان الغرب «المنافق» متدرجاً وبطيئاً في إعطاء المرأة حقوقها، بل لقد تمنع الذكر الغربي لعقود من السماح للمرأة بمشاركته في الحياة العامة، وناضلت النساء طويلاً في رحلتهن نحو المشاركة والمساواة، حسب القيم الاجتماعية والسياسية الغربية.

ومراجعة في التاريخ الاجتماعي الغربي في كل أدواته «الأعمال والسياسة والتعليم»، سنجد أن الكثير من المهن والوظائف والتخصصات حرمت منها المرأة الغربية إلى منتصف القرن الماضي، كما أن المشاركة السياسية في شكلها القيادي لم تنضج أو تتوسع إلا في السنوات الأخيرة، ومع ذلك يقفز الإعلام الغربي على تلك الحقائق دون التفات لسنوات الحرمان التي سبقتها.

على سبيل المثال الحقوق والحريات التي تمارسها المرأة السعودية أنجزت في وقت أقصر بكثير مقارنة مع النساء الغربيات، وحصصهن في التعليم ومجلس الشورى والمناصب القيادية والمساواة في الأجور هي الأفضل.

اليوم وبعد تلك الرحلة الطويلة والدعاية الكاذبة التي ملأت صحف ومنظمات الغرب، يُهمش الرجلُ الغربي المرأةَ ويدفعها نحو ذكورية متوحشة، لا هم له إلا الاستمتاع وإشباع رغباته «الجنسية» الشاذة، ليس بالنساء كما اتهموا المسلمين زوراً طوال قرون، بل بالرجال والأطفال والحيوانات، أي أنهم وبعدما سلعوا النساء الغربيات ودفعوا بهن لكل الموبقات وحاولوا تنفيذ أجنداتهم مع بقية نساء العالم، رموا بهن في المقاعد الخلفية، وانغمسوا في أطوار أخرى للشذوذ أشد قبحاً وأكثر فجوراً.

فهل يعد هذا من إعطاء المرأة حق المشاركة في بناء الحياة البشرية، أم أنها - أي المرأة - ليست سوى إحدى أدوات المتعة في دولاب «الذكر اليساري الغربي»، الذي تجاوز المرأة ليتحول إلى مجرد «حيوان ناطق»، يعيش فقط ليستبيح كل ما هو على وجه الأرض.

عروض الأزياء التي كانت مخصصة للمرأة - وإن كانت في أساسها مجرد تسليع لها - بدأت الحكومة العميقة لليسار الغربي في إدخال الرجال والأطفال إليها، ليس لأنها منصات لإظهار الجمال كما يدعون، أو أسلوب لتسويق المنتجات، بل لتمرير فكرة الاستمتاع بالأطفال والرجال التي يدفعون بها بقوة.

إن إنسان اليسار المتوحش الذي انقلب على القيم والأعراف والأديان وانفرد بالسلطة الدولية المركزية، فارضاً معتقداته وأجنداته ومبتزاً لمخالفيه ومشوهاً لهم، كان كاذباً في دفاعه عن النساء، بل استخدمهن مرحلياً للمتعة والجنس ولتنفيذ خططه، وسوطاً سلطه على مخالفيه، وعندما تيقن من فرض سيطرته على القرار ومنتجات الحضارة الغربية - السينما - الموسيقى - الإعلام - السوشل ميديا، رمى بالنساء في سلة المهملات وبدأ في إنتاج شذوذ جديد لا يمكن تصديقه أو قبوله.

فهل نشهد اليوم نهاية عصر المرأة الغربية؟

بلا شك أنه كذلك، وإذا لم تدافع المرأة الغربية عن حقها في شكل الحياة البشرية، فإن نزعة المتعة المتوحشة التي سيطرت على العقل اليساري ستدمرها تماماً، وكما ناضلت المرأة الغربية أمام الرجل - الصليبي - الذي كان يحاصرها بأقفاله عندما كان يغادر للقتال في المشرق، عليها اليوم أن تكسر قيود اليسار الغربي الشاذ والمتوحش، وتحمي عائلتها وأطفالها ومستقبلهم، وتعيد مجتمعاتها للحياة الإنسانية المخلوقة منذ الأزل من رجل وأنثى.