-A +A
بشرى فيصل السباعي
في مجال مكافحة المخدرات التعامل مع جانبها الجنائي كالتعامل مع أعراض المرض؛ لذا مهم أيضاً علاج أسباب المرض، ولهذا السؤال الأهم هو ما الذي يخلق الرغبة لدى المدمنين بالإدمان؟ حسب 3 دراسات السبب الوحيد تقريباً بكل الأعمار الأصحاب السيئون. والسبب الثاني التوتر؛ فمن نتائج انعدام التوعية النفسية أن أول ما يلجأ إليه من يعانون التوتر المخدرات كعلاج! بدل مراجعة طبيب نفسي وتكلفته الفلكية مانع رئيسي، لكن غير العقاقير الطبية والمكملات هناك وسائل عدة لعلاج التوتر كالرياضات الجسدية والروحية ومطالعة كتب الحكمة وما يشعر الإنسان بالسعادة كالهوايات، أما لماذا تأثير الأصحاب السيئين في الشرق الأوسط السبب الرئيسي للإدمان أكثر من البلدان الأخرى كأمريكا، فهذا يبين أن الثقافة التربوية على السمع والطاعة باعتبارها تمثل الأدب والسلوك الحسن لا تربي إنساناً متوازناً ومحصناً؛ فتشكيل عقلية ونفسية الإنسان على السمع والطاعة تجعله مفتقراً للعقلية النقدية والاستقلالية بالقرار ومبرمجاً على الانسياق وراء أي أحد، أي كما قال مالك بن نبي لديه «القابلية للاستعمار»، أي استعداد مسبق للسمع والطاعة لأي أحد سواء أكان شيطاناً يأمره بالسوء والإدمان أو بالإرهاب وذبح والديه أو صالحاً يأمره بالخير فهو ليس لديه أي تمييز، إنما ينفذ برمجته المسبقة على السمع والطاعة؛ ولذا لم يحصل قتل للوالدين من اتباع داعش إلا ببلدان ثقافة السمع والطاعة التربوية فدواعش الغرب لم يقتلوا أهاليهم، فتربية السمع والطاعة تجعل الفرد ضعيف الشخصية مقابل تأثيرات الآخرين؛ لأنها تتطلب سحق شخصيته الفردية وماهيته ليصبح مجرد أداة تنفيذ لإرادة غيره، وبأثر معكوس لكي يدفع عن نفسه تهمة الضعف التي هي فيه بالفعل خاصة بالنسبة للذكور يحاول مجاراة أصحاب السوء بعنتريات السلوك الجانح لإثبات أنه ليس ضعيفاً، ومن ذلك تعاطي المخدرات والسلوكيات الجامحة بالسيارة والتحرش والتنمر، ولو كانت شخصيته قوية بحق لما احتاج لإثبات ذلك بمجاراة ما يعلم أنه سيضره لكنه لا يملك قوة الشخصية ليكون مستقلاً بقراره ويرفض أنماط أصحابه الضارة، وهذا سبب ثقافي خاص يختلف عن الأسباب الرئيسية للإدمان بأمريكا مثلاً التي ليس لديها هذه العوامل الثقافية وتعد الرغبة بتجربة أمور جديدة تبدو جذابة بمواد الترفيه ودافع الرغبة بمضاعفة الاستمتاع بالحفلات الأسباب الرئيسية لتعاطي المخدرات فيها؛ لذا هناك حاجة لدورات مدرسية عن مهارات اختيار الأصحاب الصالحين ومقاومة تأثير السيئين، وأخيراً هناك سبب برز بالعقود الأخيرة مع تصاعد الأعباء الدراسية وساعات العمل ببعض المهن بشكل يفوق قدرة الإنسان على التعامل معها وفق ساعة الجسد البيولوجية الطبيعية؛ ولذا هناك حاجة لدراسة تأثير أعباء الواقع الدراسي على طلاب الطب، ومنع ساعات العمل التي تفوق القدرة البشرية على البقاء مستيقظاً بشكل طبيعي.