-A +A
نجيب يماني
إنها قصة وطن تُروى وتتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل، هي قصة بدأت وما زال التاريخ يكتب فصولها قصة تذكرنا بماضينا ونعيش فيها حاضرنا ونستشرف من خلالها مستقبلنا.

في يوم ٢٢ فبراير يكمل التّاريخ دروة عام جديد في حساب أيّامه، سيقف أبناء هذا الوطن البهي ليتباهو بيوم تأسيسه المبارك في ذكراه العزيزة الثانية والتي بعثها ملكنا المُفدى سلمان المسكون بالتاريخ الشغوف بأحداثه العليم بخفاياه من أضابير الذّاكرة الإنسانية، فخراً وزهواً وإعزازاً، لنعرف سيرة مجد وطن عظيم نعيشه جعلنا نرفع رؤوسنا عالياً بين أمم الأرض.


نقف جميعاً وقفة عز في لحظة ذكرى نجيل فيها النّظر بإمعان وتروٍّ في ملحمة وطن على ترابه بطولات وتضحيات وأحداث، وما حققه من عطاءات وإنجازات وما ينتظره في مستقبله مع «الرؤية» المباركة من وعد وبشارات وإشراقات.

إن الاحتفال بيوم التأسيس، ليس مجرد احتفال بيوم أو حدث عابر، بل احتفال بثلاثة قرون من التاريخ لبلادنا المباركة، والإرث الحضاري الممتد عبر الأجيال.

إن المتأمل في الأمر الملكي الكريم لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- بتحديد يوم 22 فبراير من كل عام يوماً لذكرى تأسيس الدولة السعودية، وثّق روابط السعوديين بجذورهم البعيدة، وربط ماضيهم بحاضرهم، للانطلاق نحو المستقبل، مستلهمين همة الأجداد في بناء وتأسيس هذا الصرح العظيم، والكيان الكبير المملكة العربية السعودية.

نقف مواطنين فخورين في هذه اللّحظة التاريخيّة، وقفة تأمّل واسترجاع، ووفاء لمن كتبوا بعرقهم ودمائهم سطور هذا التاريخ المشرق الخالد، بما اشتمل عليه من معانٍ بلا نظير، وعطاء بلا ندٍّ أو مثيل، فعرف إنسان هذه الأرض المباركة الأمن والسّلام والطمأنينة بعد عهود من الخوف وانعدام الأمن والأمان علم ملكُنا المثقف سلمان -حفظه الله- إنه على هذا يتأسّس الوعي بالتاريخ، وتكون الحفاوة به، بوصفه ذاكرة أمة، وإضبارة حقب وسنوات سُطّرت فيها صنائع الرّجال على قدر عزمهم وهمّتهم ومنجزاتهم في سجل الوطن وعلى ترابه المبارك

ولأننا أمّة الوفاء، ولأنّ قيادتنا الرشيدة، بعزم الملك سلمان، وولي عهده الأمين، محمّد الخير حفظهما الله قد خصصت يوم الثاني والعشرين من شهر فبراير من كلّ عام يوماً لذكرى التأسيس إنما تؤكد على أهمية التاريخ، وضرورة صيانته من آفة النسيان، وعلى أننا كنّا وما زلنا، أمّة ذات جذور راسخة، وحضارة مؤثّرة، وحاضراً يانعاً بالخير نعيشه ومستقبلاً واعداً بالخير ننتظره في أضاميم «الرؤية» المشرقة، وحقّ لأمّة بهذا السمات والمزايا أن تفخر وتتباهى وتتيه إعجاباً بوطنها وتاريخه، وقيادته وجميل صنيعها.

لهذا القرار أبعاده الوضيئة التي يتوجّب أن نقف عندها مليّاً، ونستذكرها برويّة ومكث، ونستنطق ما تستبطنه من معانٍ كريمة يتجلى أولها في الوفاء بالذكرى للآباء المؤسّسين، الذين بذلوا الغالي والنفيس من أجل هذه البلاد وبارتباطنا الوثيق بقيادتنا منذ عهد الإمام محمد بن سعود قبل ثلاثة قرون، وبداية تأسيسه في العام (1727م) للدولة السعودية الأولى وعاصمتها الدرعية، ثم تمكن الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود عام (1824م) من تأسيس الدولة السعودية الثانية ثم، قيّض الله الملك عبدالعزيز ف العام (1902م) ليؤسس الدولة السعودية الثالثة ويوحدها باسم المملكة العربية السعودية، فالتاريخ يمثّل نقطة مهمّة في تاريخ الأمم، ومرجعاً ضرورياً في حاضرها ومستقبلها، فالعناية بصياغة أحداثه على مضابط الموثوقية، والأمانة يبقى أمراً لا محيد عنه، وبهذا يكون للدولة حضورها بين الأمم في حاضرها ومقعدها المميز في مستقبلها.

إنه قرار ملكي حكيم حمل معاني الوفاء بما يوثق هذه العلاقة، ويربط الأجيال بعضها ببعض، في سياق متصل من ذاكرة متّقدة لا تنسى تاريخها، ولا تتجاهل منجزات من رحلوا، ليكون الوفاء ديدن كلّ فرد في هذه البلاد المباركة، وتاريخ أمتنا الحاضر في ذاكرة الأجيال يرويه كل جيل لمن يليه في معرض المفاخرة، والتأكيد على رسوخ قدمنا في الحضارة الإنسانية.

نرفع أسمى آيات الشكر والامتنان لقيادتنا الرشيدة التي اختصرت الزمن لتحقق الكثير من الإنجازات

وللشعب السعودي بحبه الكبير المتوارث لوطنه وقيادته بذكرى التأسيس.

وكل عام ووطني في خير ونماء في ظل قيادته الأمينة، ورؤيته الكريمة التي نقطف ثمارها كل يوم شهداً تشٌرق نفوسنا من لذة حلاوته.

والحمد لله في الآخرة والأولى.