-A +A
بدر بن سعود
في 23 يناير الجاري أعلنت النيابة العامة عن عقوبة قاسية على ممرضة سعودية، وأنه قد حكم عليها بالسجن لخمسة أعوام وغرامة قدرها 27 ألف دولار، والسبب ثبوت قيامها بالاعتداء على 11 رضيعاً في مستشفى محلي، ولولا كاميرات المراقبة الموجودة في المكان لما عرف بجنايتها أحد، والأصعب أنها برّرت تصرفاتها غير المقبولة بضغوط العمل كسد معذرة، ويظهر أنها لا تعرف بأن المناوبات في المستشفيات الغربية قد تستمر لأكثر من 12 ساعة في اليوم، وأنه لم يسجل عليها تقديم عذر مخجل من هذا النوع.

الشخص الذي لا يتحمل الضغط ولا يستطيع ضبط تصرفاته لا يستحق العمل في التمريض، فهو رسالة إنسانية نبيلة قبل أن يكون وظيفة، بخلاف أن العقوبة لا تتناسب مع الفعل غير الأخلاقي الذي قامت به الممرضة، وبالأخص عند مقارنته بجناية الاعتداء اللفظي أو الجسدي على الممارس الصحي، والتي تصل عقوبتها إلى السجن عشرة أعوام، ومعها غرامة سقفها 300 ألف دولار.


تاريخ مهنة التمريض في العالم ليس ملائكياً دائماً، وجناياتها المسجلة تعود إلى القرن الثامن عشر الميلادي ولم تتوقف حتى أواخر 2022، وقد طالت مرضى تراوحت أعمارهم ما بين سبعة أسابيع وثمانين عاماً، ولدرجة الاعتداء الجنسي لممرض على مريضة معاقة تماماً، واستخدام ممرضين للإنسولين والزرنيخ في قتل الكثيرين، والثاني كانوا يعتبرونه مرضاً ويسمونه حمى المعدة قبل اكتشافه، بالإضافة لمعادلة الأفيون مع التجويع وكذلك القتل بالديغوكسين، وأحياناً يضعون السموم والأدوية في محلول الغلوكوز المغذي للتمويه، والوفيات السابقة سجلت بأنها طبيعية في بداياتها، وقبل معرفة تفاصيلها وضبط المتـورطين فيهـا، ويوجد فيلمان يتناولان المشكـلة هما: «سايكو نيرس» و«ذاغود نيرس».

الاهتمام بمهنة التمريض في المملكة بدأ في الستينات الميلادية من القرن الماضي، وجاء كردة فعل على انتشار وباء الحصبة في تلك الأيام، ومنذ العمل على التوطين المدروس في القطاع الصحي عام 2016، تم تأسييس قرابة 60 كلية للتمريض تمنح درجة البكالوريوس، إلا أنها ما زالت تحتاج لعمل أكبر يأخذ بأفضل الممارسات العالمية، فالممرضون يمثلـون غالبية العاملين في المنشآت الصحية، ولكن المعدلات المحلية لا تتجاوز في المتوسط، 60 ممرضاً سعودياً لكل عشرة آلاف مريض.

الكادر التمريضي وبعض الأطباء في المملكة، مواطنين وأجانب، سبق وأن قاموا بالاعتداء على المرضى وذويهم في مناسبات موثقة على السوشيال ميديا، أو في سجلات المستشفيات العامة والخاصة، أو في الأجهـزة العدلية، ولابد من التعجيل في إقرار الوثيقة الموحدة لحماية المرضى، والتي نشرت تفاصيلها في هذه الصحيفة قبل ستة أيام، وإلزام الكيانات الصحية بها، بالإضافة إلى التفكير في تغليظ العقوبات على الكوادر الطبية المتجاوزة، حتى لا يستخفوا بكرامة المرضى ويسيئون لهم، مع وضع كاميرات مراقبة للاستخدامات الأمنية، وبما يضمن وجودها في كل الأماكن داخل المستشفيات.