-A +A
عبدالرحمن الجديع
إنها نهضة حقيقية مذهلة ما تشهده السعودية من تحوّلات بنيوية وتطور في المفاهيم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، ذلك أنّ المملكة شكلت مساراً مضيئاً للمنطلقات ومقومات التطور والبناء، بما يتجاوز المكبّلات السائدة كافة.

هذه النقلة النوعية والمؤثرة في معالم السياسة ومواكبة التطورات، تؤسس لمرحلة جديدة في العلاقات العربية - العربية، وتمثل تياراً تجديدياً يعكس الإرادة السياسية لولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، في الإصلاح والبناء والتنمية.


لقد أكد هذا القائد الملهم على أنّ منطقة الشرق الأوسط ستكون «أوروبا الجديدة» وستعمّ النهضة في هذه المنطقة حتى تضاهي ما بلغته دول العالم المتقدم، مشدداً على رؤية المملكة المستقبلية، حسبما ورد في كلمة صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية، في قمة العراق في عمّان، وهي رؤية تهدف لخير بلدان المنطقة والعالم.

إنّ انعقاد القمم الدولية المتتالية في الرياض، ومشاركة وحضور زعماء الدول الكبرى فيها مثل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، والرئيس الحالي جو بايدن، والرئيس الصيني شي جين بينغ، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وتوافد الكثير من رؤساء الحكومات البريطانية والألمانية وغيرهم من رؤساء وزعماء الدول العالم إلى الرياض، يعد مؤشراً على واقع جديد في العلاقات الدولية يسهم في أخذ العلاقات بين هذه الدول إلى مستويات أفضل من التفاهم والتفهم لسائر القضايا المطروحة للنقاش، لا سيما أنّ التغييرات والتطورات المذهلة والخلاقة التي تشهدها المملكة أكسبَتها المكانة المرموقة التي تتبوَّأُها في الساحة الدولية.

كما أنّ إنجازات المملكة، من خلال الأُطر الدبلوماسية والتعاون الدولي والجهود الجماعية، أسهمت في تعزيز التعامل مع المتغيرات المتعددة، وبالتالي ترسيخ السلم والأمن الدوليين، وهو ما جسّد، في الوقت ذاته، احترام العالم للمملكة وقيادتها وتجربتها في العهد الجديد.

لا ريب في أنّ هذه المدركات السياسية تهدف إلى توسيع دائرة التعاون، واستكشاف طرق وطاقات جديدة للتنمية في نظام دولي تشير إرهاصاته إلى حتمية تعدّد الأقطاب، وهو ما يعكس ديناميكية السياسة الخارجية وفعالية دبلوماسيتها في بلورة التوازنات الدولية، بعيداً عن أية استقطابات ومحاور، مع التمسك بالنديّة، وسيادة الدول، وتعزيز المصالح المشتركة. كما يمكن القول إنّ تمتين الشراكات في المجالات الاقتصادية والتقنية مع الصين وغيرها، لن يكون على حساب العلاقات التاريخية والأمنية والاستراتيجية مع الولايات المتحدة.

الرؤية السعودية الجديدة تشكل بارقة أمل أعطت زخماً جديداً وروحاً ملؤها العنفوان نحو أهمية تفعيل التعاون العربي العربي، وأن تكون للعرب سياسة شاملة تقوم على أنساق التعاون والتكامل، وتكفي هنا الإشارة إلى حزمة برامج التنمية العربية من المساعدات المالية السعودية الكبيرة المقدمة للدول العربية التي بلغت 85 مليار ريال (22.7 مليار دولار) خلال الفترة من يناير 2011 إلى أبريل 2014.

معنى هذا أنّ السعودية تمثل القاطرة لمختلف الدول العربية في سائر المجالات، بغية تحقيق التكامل العربي اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وثقافياً، وفي سبيل النهوض بالإنسان العربي من المشرق إلى المغرب كي يستأنف رسالته في إعمار المجتمعات وازدهارها، وهي رسالة ما انفكت القيادة السعودية تتمسك بها وتذود عنها.

وتتنوع هذه المساعدات لتشمل الحقول الاستثمارية والإنسانية والتنموية لدعم هذه الدول، والتصدي للتحديات بأبعادها المختلفة، وعدم السماح للدول الإقليمية؛ مثل إيران أو إسرائيل بالعبث في شؤونها الداخلية، أو الاختراق عبر التطبيع، بصرف النظر عن الخصوصيات التي تتمتع بها بعض الدول عن غيرها.

السعودية بجهودها وإنجازاتها ومبادراتها المتعددة وتألقها تمدّ الجسور وتفتح النوافذ وتشقّ أقنية التواصل مع الدول العربية والمجتمع الدولي، وتعمل في غضون ذلك كله، على استتباب الأمن والاستقرار، وفق توازن العلاقات، واحترام المصالح المتبادلة المشتركة، والاستمرار في وتيرة التعاون للمنطقة والعالم كله. وقبل ذلك وبعده من أجل كرامة الإنسان ونهضته وتفجير طاقاته الإبداعية، وتوجيهها نحو الخير والطمأنينة والسلام.