-A +A
فواز الشريف
البارحة الأولى خرج الطفل الساكن في دواخلنا على طريقة «غرام أطفال» ليحتفل بطريقة هستيرية على خلفية فوز منتخبنا السعودي على المنتخب الأرجنتيني، هذا الفوز الذي أعاد لنا ذكريات العيد والمطر وشقاوة الأطفال في المناسبات العائلية.

أعاد لنا هذا الفوز المونديالي بهجة كبرى كنا بحاجة إليها لنضع بصمة أخرى في دفاتر كرة القدم وأنه بمقدورنا كسر حواجز الخوف والتردد ونغلق أبواب «كسارة المجاديف» في وجوه الكسالى والنرجسيين، فالضربة السعودية المدوية للمنتخب الأرجنتيني المدجج بكأس «كوبا أمريكا» وبـ 36 انتصاراً متتالياً وبميسي ودي ماريا ورفاقهما كانت في محلها وفي أفضل توقيت وليس هناك توقيت أفضل لجماهير كرة القدم من كأس العالم.


لقد أجاد صديقي المفضل الذي أصبح صديقي المفضل منذ البارحة الأول هيرفي رينارد في تقديم عمل كرة قدم متميز يشبه سيمفونية حقيقية فيها من الذكاء والفن والصلابة والشخصية ما جعلت منتخبنا يلعب وكأنه يرقص ويقف وكأنه يرتدي بشت تلك الشخصية التي كنا نعرفها ساكنة في جوف الأخضر منذ آخر بطولة في كأس أمم آسيا حققها ومنذ رحيل جيل العمالقة إن لم يكن هؤلاء النجوم هم العمالقة.

لقد كتبت هنا على خلفية استقبال سمو سيدي ولي العهد لنجوم الأخضر قبل مغادرتهم في رحلة المونديال وفندت كلمته حفظه الله أنها بمثابة أهم مرحلة يمكن أن يصل لها لاعب كرة القدم ليتمكن من الاستمتاع والإمتاع، وهي الحالة المعيارية التي يبذل فيها صناع كرة القدم جهوداً كبيرة لتحقيقها في فرقهم ومنتخباتهم وقد تحققت في لقاء التانجو الذي مثل قفزة تاريخية في سجل كرة القدم السعودية.

الأمر ليس مجرد كلمة، بل فكر كبير قدمه سمو ولي العهد حينما رسم مرتكزات الارتقاء بالرياضة السعودية عموماً وكرة القدم خصوصاً منذ انطلاق رؤيته وجعل الرياضة ضمن أهم برامج الرؤية حين سهل لها دعماً مالياً ضخماً وصاغه ببرامج حوكمة وتطوير إداري واحترافي حين كان البعض لم يستوعب مسألة عدد اللاعبين الأجانب في الأندية السعودية.

البارحة ومع هدية الإجازة والانصراف قبلها من الأعمال لأجل مؤازرة المنتخب ثم تلى ذلك الحفاوة العربية الكبيرة من الخليج إلى المحيط بالفوز السعودي تمثلت رؤية فلسفية تقدمها المملكة بين محبي الرياضة وكرة القدم خصيصاً للأجيال القابلة للحياة، تلك الأجيال العربية التي رمت خلف ظهرها الكثير من التعقيدات المتخلفة وقفزت لتتشارك معنا لحظات الفرح والنجاح، هم ذواتهم الذين يؤمنون برؤية عراب الشرق الأوسط الذي بمقدوره أن يحول كل الأحلام في شباب أمته إلى واقع، فحظي بهذا الحب وهذا التقدير وحظيت كرة القدم السعودية بفجر أبيض ناصع يتسلل إلى القلوب الطرية النقية فيرسم لحظة فرح كنا وكانوا بحاجتها.