-A +A
عبدالله بن بخيت
ما جرى من إنكار للحفلة التنكرية (الهالوين) التي أقامها بعض الشبان كان إنكاراً صحيحاً لا غبار عليه، ولكننا أخطأنا التبرير فقط. كان الأجدر أن نقول هذه بضاعتنا تسوق علينا. لا يمكن أن تأتي بتمر أجنبي وتسوقه في المملكة. تتوفر في بلادنا كل أنواع التمور وبجميع مستويات الجودة ومتاحة في كل المواسم، والمملكة واحدة من الدول الأساسية في تصدير التمور للعالم. ليس من المنطق بعد كل هذا أن يأتي من يقيم معرضاً لتسويق التمور الأجنبية في الرياض. قياساً على هذا كان علينا أن نرفض حفلات الهالوين الأجنبية التي تقام في المملكة، فهالونيات المملكة تتجاوز في تنوعها وجودتها هالاوينيات لا أمريكا فحسب بل وسط أفريقيا نفسها.

عشنا في السنوات الأربعين الماضية نطفح في الهالوينيات حتى زال الفاصل بين الجن والإنس في حياتنا. بل بلغ الأمر أن الجن الأجانب صاروا يهجرون ديارهم البعيدة ويفدون إلى بلاد الحرمين. بعضهم يأتي لأغراض طيبة نافعة ولكن أكثرهم يأتي لأغراض دنيوية خبيثة، معظمها تلبية لطلب ساحر لينفذ ما طلب منه، أو أن يأتي ليدخل في واحدة من نسائنا الشقيات، وما تفاقم أعداد الرقاة الشرعيين إلا شاهد على تفاقم أعداد الجن والشياطين. بنظرة سريعة على حركة الرقاة في البيوت والمستشفيات والمقابر والاستراحات التي استأجروها ستتأكد أن عدد الرقاة في المملكة تجاوز عدد الأطباء والمهندسين مجتمعين. لا ينافسهم في العدد سوى دعاتنا الأفاضل. لا شك أن هذا العدد الهائل من الرقاة يقابله عدد مماثل وأكثر من السحرة. لك أن تتخيل الصراع العظيم الذي اندلع في المملكة بين السحرة من جهة وبين رقاتنا الشرعيين الأفاضل ولولا المساندة غير المشروطة التي يقدمها دعاتنا الأفاضل لرقاتنا الشرعيين الأفاضل لأصبحت مهمة رقاتنا الشرعيين الأفاضل أكثر صعوبة الأمر الذي سيضطر المجتمع السعودي إلى تحويل كل رجاله إلى رقاة شرعيين أفاضل. وكنا سنضطر أن نوقف الابتعاث للدول الغربية ونبتعث أبناءنا لتلقي العلم في وسط أفريقيا وبين قبائل الأمازون البرازيلية والدراسات العليا سنبتعث صفوة طلابنا إلى القبائل البدائية التي تم اكتشاف وجودهم قبل سنوات قليلة في غابات الفلبين. الأمر الذي سوف يدفعنا إلى تسليم مهمة تخطيط التعليم في المملكة إلى وحدة السحر التابعة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهي جديرة بقيادة التعليم إذا عرفنا أن وحدة السحر هذه هي أول مؤسسة في تاريخ البشرية تقدم دورات في فك صرار السحر بطرق علمية.


لا شك أن بعض الجن والحق يقال يأتون لتلقي العلم وحضور الدروس النافعة التي يقدمها بعض المشايخ، بل إن بعضهم جزاهم الله خيراً يفد إلى بلادنا ليمد يد العون لرقاتنا الشرعيين الأفاضل لتمكينهم من التعرف على مدافن صرار السحر في البحر وفي البر وفي أفنية المساكن، وبعضهم يأتي للمساعدة على فك السحر بطرق علمية وإبطاله، وكل هذا طلباً للأجر ومضاعفة الحسنات.

هؤلاء الذين احتجوا على إقامة حفلات هالوين في المملكة كانوا على حق. الأمريكان لا يملكون الخبرة الهلوينية اللازمة، هجروا الجن والعفاريت والشياطين منذ مئات السنين وليس هذا الهالوين الذي يقيمونه سنوياً سوى عبث يتسلون به، بينما هالويننا ما زال بأصالته وجودته التي كان عليها في العصور الوسطى. الأمريكان يقيمون الهالوين يوماً واحداً في السنة فقط بينما تحولت حياتنا في السنوات الأربعين الماضية إلى هالوين ممتد. في البيوت في الاستراحات وعلى شاشات الفضائيات واليوتيوب والمقابر والمخارب والحياييل والبيوت المهجورة. مع الأسف جبلنا على التقليد والشعور بالدونية أمام الأمريكان. على الشاب أن يسأل نفسه بماذا تتفوق علينا أمريكا في موضوع الجن والشياطين والسحر السحرة؟ تذكروا يا أبناءنا أن بيننا وبين الغرب قروناً.