-A +A
ماجد قاروب
ليس جديداً الحديث عن الشركات العائلية وأهميتها الاقتصادية للمجتمعات خاصة وأنها في دول الخليج تمثل 90% من إجمالي الشركات الخاصة وتسيطر على معظم الشركات المدرجة في السوق المالية، وهي مسؤولة عن تشغيل القوى العاملة في القطاع الخاص وتساهم في الناتج المحلي لدول الخليج وتعمل بالقطاعات الأساسية للاقتصاد وفي مقدمتها الأراضي والتطوير العقاري وتجارة التجزئة من خلال استحواذها على أغلب الوكالات التجارية المسجلة في الخليج والشرق الأوسط وتنشط في قطاعات السياحة والصناعة ومعظمها خفيفة ومتوسطة، وبالتالي هي قادرة على زيادة حجم استثماراتها الصناعية خاصة مع المناخ الاستثماري المتحسن تجاه الشراكة العميقة مع القطاع الخاص في إطار من الحوكمة والنزاهة والشفافية والتنافسية الاحترافية بعيدًا عن ممارسات الاحتكار والفساد.

قطاعات السياحة التقليدية أيضًا من القطاعات التي تواجد بها القطاع الخاص بشكل جيد جدًا بما في ذلك قطاع الخدمات والإلكترونيات والتقنية.


تحويل الخدمات الحكومية وخاصة في قطاع الطب والصحة إلى القطاع الخاص ينمي من حجم القطاع الخاص والشركات العائلية، وإمكانيات النمو المضاعف للاستثمارات داخل الاقتصاد الوطني في جميع القطاعات التقليدية التي كانت حكرًا على العمل الحكومي البحت وكذلك القطاعات المستحدثة مثل الرياضة والترفيه والسياحة والتصنيع النوعي في الطاقة والبيئة والسلاح.

هذه الأهمية الكبيرة والمتزايدة والخطيرة للقطاع الخاص والشركات العائلية بصورة خاصة تحتم تقديم العون القانوني والإداري تشريعياً وتنفيذياً وقضائياً من جميع سلطات الدولة لأنه يتوجب التيقن من حسن إدارتها للأعمال في إطار من الحوكمة الرشيدة الحقيقية وليست الوهمية مع حفظ حقوق الجميع من أكثرية أو أقلية الملاك؛ لأن الأساس هو تعاقب الأجيال واستمرار الإدارة والأعمال بعيداً عن الصراعات العائلية المعروفة للجميع دون الحاجة إلى الشرح.

المطلوب هو تحسين مستوى الثقافة الحقوقية لمجتمع الأعمال، حيث تتطلب الإدارة الحديثة الكثير من العلم والمعرفة الحقوقية لجميع أفراد العائلة والملاك مع وضع دستور عائلي يُحترم من الجميع ويكون مقبولاً من سلطات الدولة، ودعم الشركات العائلية لاستقطاب الخبرات المؤهلة والضرورية للأعمال والمتخصصة في الإدارة والقانون وغيرها من التخصصات مع ضرورة التدخل الحكومي والقضائي للحفاظ على استمرار الأعمال في حال تعثر التعاقب السلس والطبيعي للأجيال في الإدارة، وهو ما يتطلب خبرات وكفاءات مهنية عالية يستعين بها القضاء لوضع الحراسات القضائية التي تحافظ على الأعمال والحقوق إلى حين معالجة المشاكل والخلافات العائلية خاصة إذا كانت متعلقة بقضايا إرثية بعضها معلق لأكثر من ثلاثين سنة عبر الأجيال.

المطلوب الآن المزيد من حملات التوعية لرفع مستوى الثقافة الحقوقية من قبل الغرف التجارية والمركز الوطني للمنشآت العائلية وجميع الهيئات المهنية وفي مقدمتها المحامون والمحاسبون والمهندسون تشارك فيها هيئة السوق المالية ووزارات العدل والتجارة والاستثمار والصناعة؛ لأن النزاهة والشفافية والاحترافية والتنافسية تحتاج إلى تعاون بين القطاعين الخاص والعام لضمان التزام الجميع بها والامتثال لها للحفاظ على المجتمع والاقتصاد والأعمال والشركات العائلية وإدارتها لثرواتها.