-A +A
عبده خال
بالنسبة لي لم أستطع فهم الرئيس بايدن، سواء سلوكياً أو سياسياً، فهو يفترق مع مصالح بلاده، ويعقّد مسائل كثيرة وتحديداً في سلوكه مع السعودية، وفي هذا التعقيد هو يركض خلف أحلامه للتجديد في فترة رئاسية قادمة، ولهذا مازال ممسكاً بوعوده الانتخابية الأولى التي قادته إلى الرئاسة، فثبّت سلوك العداء للمملكة على غير ما يجب أن يكون عليه السياسي، وتنقلاته مع الظروف السياسية المغايرة لكل زمن، ومع أنه -ومن البدء- سلك طرق سماع الأكاذيب، ظل ومازال مؤمناً بها، أو أراد في تصديقه للأكاذيب إبقاء الناخبين الأوائل سنداً له في ترشيحات الولاية الثانية.

ولم أستطع فهم رئيس دولة يعتبر علاقاته مع السعودية حجر زاوية، ومع ذلك يهز هذا الحجر، فالمملكة دولة لها سيادتها، ولها قرارها الخاص، ولها مصالحها الخاصة، ومهما تكون العلاقة السعودية متجذرة مع الولايات المتحدة، فإن استمرار هز تلك العلاقة يقود إلى خلخلتها، وإذا كانت إدارة بايدن (أو هو ذاته) في حالة شروع لإعادة تقييم علاقة بلاده بالسعودية، بسبب قرار أوبك بخفض إنتاجها من النفط، فهذا عمل غير سياسي، لأن السعودية في سعيها لخفض إنتاجها النفطي هو قرار يحقق مصالحها، فكما تبحث أمريكا عن مصالحها يحق لأي دولة البحث عن مصالحها، فهي علاقة ثنائية يحترم كل طرف الطرف الآخر، كما أن عداء أحد الطرفين لدولة (كعداء الأمريكيين لروسيا) لا يستوجب أن تكون السعودية على عداء مع روسيا.


وإذا كان بايدن قد أمر مجلس الأمن القومي الأمريكي بإجراء إعادة تقييم للعلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية، فهذه إشارة صارخة تمكّن السعودية أيضاً من تقييم العلاقة بين البلدين، وهذا حق مشروع، فأمامها قوى عالمية يمكّنها من عقد الاتفاقيات الأمنية والعسكرية والاقتصادية على حد سواء.