-A +A
أحمد الجميعة
أعادت رؤية المملكة 2030 صياغة مفهوم التنمية المتوازنة في المناطق والمحافظات؛ من توزيع المشروعات بحسب أهميتها واحتياجات ساكنيها في كل منطقة إلى تنمية وطنية شاملة ذات أثر اقتصادي يعزز من نمو الناتج المحلي، وخلق فرص العمل للمواطنين، وتحسين جودة الحياة، ومشاركة أكبر للقطاع الخاص، حيث تسهم هذه التوجهات الاستراتيجية في بناء اقتصاديات المدن نحو مهمة نهوض كبرى للمستقبل، واستثمار الفرص، ورفع مستوى جاذبيتها للمنافسة عالمياً.

ويأتي إطلاق سمو ولي العهد أمس الأول شركة داون تاون السعودية -إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة- لتطوير وجهات ومراكز حضرية في 12 مدينة سعودية؛ استكمالاً لتلك التوجهات التي سبق أن أعلن عنها سموه ضمن مشاريع وهيئات ومكاتب استراتيجية تُعنى بتطوير وتنمية مدن المملكة، وتأكيداً على أن التنمية الشاملة هي مشروع للوطن، ولا ترتبط بنطاق جغرافي، أو اقتصاد جزئي، وإنما تنمية يلمسها المواطن في كل مكان، ويجد فيها فرصته للعمل، والسياحة، والترفيه، والثقافة، والتسوق، والسكن، والأهم الشعور أنه شريك في كل مشروع تنموي يرى فيه التقدم والازدهار لوطنه.


صحيح أن الاقتصاديات العالمية قائمة بشكل رئيس على تطوير المدن، ولكنها قائمة أيضاً على بناء الإنسان الذي يعدّ المحور الأساس للتنمية، والمحرك الأول لها؛ لذا كانت المشروعات الكبرى المعلنة في المدن تتوجه إلى الإنسان السعودي بمزيد من التحفيز والتفاؤل؛ ليرى واقعه ومستقبله يزهو بحضوره ومشاركته وتفاعله، ورؤية وطنه تستجيب لطموحاته وتطلعاته.

في جغرافيا الوطن الممتدة عرضاً وطولاً بمقومات ومكتسبات وتاريخ وتراث وثقافة؛ تأتي مشروعات الرؤية لترسم ملامح جديدة في حدود كل منطقة، وتتكامل في منظومة تنمية وطنية شاملة؛ نحصد معها منجزات وأرقاماً تعزز من مكانة المملكة ورفع مستوى تنافسيتها العالمية؛ فالواقع يكشف أن من يزور عرعر في الشمال أو جازان في الجنوب أو الأحساء شرقاً والطائف غرباً؛ سيجد أن رؤية الوطن تركت أثراً هناك، كما هي بقية المناطق والمحافظات، ويجد أيضاً أن التنمية ليست فقط عمراناً تتطاول بالبنيان ولكنها قبل ذلك تنمية إنسان يحضر بشموخ وطنه ورؤيته ليحجز مكانه في البناء والعمل.

لقد تركت رؤية سمو ولي العهد الطموحة، السعوديين أمام فرص نوعية للمشاركة والتمكين، ومدنهم في ورش عمل كبرى، ووطنهم أمام العالم محط إعجاب وجذب واستثمار، وهذه التحولات المتسارعة في سنوات قليلة سيكون الشغف فيها للإنجاز متواصلاً، والمشروعات رصيداً للتنمية الشاملة التي تحتفي بكل مواطن ومقيم وسائح وزائر لمدن المستقبل.