-A +A
عقل العقل
دريد لحام يستمر في السقوط المريع في التنكر لماضيه الفني على الأقل، الذي خدع فيه الملايين من شعوب العرب بأنه مدافع عن الأمة العربية في أحلامها وطموحاتها، وأنه منحاز للوطن والمواطن العربي الغلبان، وأنه يقف معه ضد توحش السلطة في أنظمة القمع العربية، هكذا سوق نظام البعث وأعطى حرية لمسرحيات غوار في ظل كبت سياسي خانق ضد الشعب السوري منذ وصول بشار الأسد للسلطة، غوار يبدو أنه لم يكن مدركا لرفاق دربه من الماغوط المبدع ككاتب نصوص مسرحياته وخلدون المالح مخرج بعض أعماله، هؤلاء كانوا مؤمنين برسالة الفن، وانحيازهم لأمتهم حقيقي، للأسف غوار طائش في تفكيره ويبدو أنه كان كالببغاء يردد أفكاراً لا يفقهها ولا يؤمن بها وسقط في أول امتحان له عكس ما يدعيه في مقابلاته الأخيرة، التي يشيد فيها بمرشد إيران خامنئي ويحيي إيران، فهل هذا هو دريد لحام صاحب مسرحيات كأسك يا وطن وغربة وضيعة تشرين وفيلم الحدود ذلك المواطن العربي الضائع بين حدود دول مصطنعة، ما أقبح الانتهازية والنفعية والانحياز إلى فكر الطوائف الضيق والادعاء في الوقت نفسه أنه مثقف يساري علماني عروبي وهو يصطف مع أحزاب ودول ظلامية تقمع وتقتل وتسجن الفنانين والمبدعين، الشعوب العربية تعيش فواجع من أمثال هؤلاء المرتزقة، والمصيبة أن البعض منا لا يزالون يعتقدون أن دريد لحام وأمثاله لا يزالون هم الفنانين الملتزمين بقضايا شعوبهم، التي عبروا عنها في مسرحياتهم في عقود ماضية.

هذا المدعي الطوشة خرج علينا قبل أيام في لقاء على قناة الميادين الإيرانية، محاولاً التنظير لما يدعي أنه محور المقاومة الورقية المضروبة، ما يهمنا هنا هو كلامه عن أن الشعب اليمني الشقيق يتعرض للقتل على الأيدي السعودية، وأن ذلك الشعب يرفع شعارات معاداة أمريكا ويناصر القضية الفلسطينية، مثل هذه الآراء رددها قبله الإعلامي جورج قرداحي عندما ذكر أنها حرب عبثية، وللأسف أن دريد لحام وقرداحي وغيرهما كثر يعرفون أن من يقتل ويدمر ويطمس الهوية العربية في اليمن هي إيران، وهي تفتخر بذلك ويردد مسؤولوها مقولاتهم باحتلال عواصم عربية ومنها صنعاء، لماذا لم تقل هذا لأحفادك الذين يسألونك لماذا يقتل العربي أخاه العربي كما تدعي؟ لماذا لا تقل لهم إن أطفال العرب يقتلون بقنابل وخناجر ملالي النظام الإيراني والمليشيات التابعة له من حوثي وحزب إبليس؟ قرداحي ليس ببعيد عن هذا النفاق والتكسب من محور المقاومة كما يدعون، فقط مقاومة بأغان وشعارات سياسية على شاشات تلفزيوناتهم المأجورة للنظام الإيراني والضحية دائما أبناء فلسطين، جورج قرداحي فضحه لسانه عندما قال إن شوارع العراق في عصر صدام أحلى من شوارعه الآن، هذه حقيقة فيما يبدو لمن زار العراق ورآها وحكم عليها بموضوعية وعلى كل المجالات، قرداحي الذى ذهب إلى هناك وقابل سياسيي طوائف ومليشيات نطق بالحقيقة رغماً عنه، وأغضب عليه هؤلاء الطائفيين بسبب قوله إن عهد صدام رغم كل عيوبه إلا أنه الأجمل، واعتبروا ما قاله حنيناً لذلك النظام، هذه المليشيات أجبرته أن يخرج علينا في مؤتمر صحفي مبرراً مدحه وحنينه للنظام السابق، وأن ما قاله هو من باب المزح والضحك، بالفعل هؤلاء مثل تليفون العملة المعدنية يصدح ويغرد لمن يدفع له للأسف، إن هؤلاء يحسبون على الفن الجاد والإعلام الموضوعي في فترة من حياتهم، والآن تتوالى سقطاتهم المدوية والمفضوحة في مبادئ شريفة تدعي دفاعهم عن أمتهم العربية.