-A +A
حمود أبوطالب
أجزم بأن ما تنفذه جمعية الثقافة والفنون بجدة من نشاطات متنوعة متواصلة يعتبر مشروعاً نوعياً متكاملاً متعدد الجوانب يحيط بمعظم أشكال الثقافة والفنون، إذ لا يمر أسبوع دون مناسبتين أو أكثر تستهدف مختلف الشرائح العمرية والاهتمامات والهوايات ودورات التدريب، ناهيكم عن الاحتفاء برموز الثقافة والفن في المجتمع السعودي وخارجه من خلال تظاهرات احتفالية ضخمة وفخمة يحرص على حضورها وجهاء المجتمع وكبار الشخصيات جنباً إلى جنب مع الشباب الذين يفدون حتى من المحافظات المجاورة.

نقول هذه الشهادة إنصافاً للجمعية وليس مجاملة؛ لأنها ككيان عريق مرت بفترات ترهل وخمول حتى كادت تدخل طي النسيان، لكن فريق عملها الحالي بإدارة المبدع النشط الأستاذ محمد آل صبيح أعادها إلى الواجهة بقوة واستقطب لها شراكات مجتمعية مهمة وفاعلة وداعمة جعلتها تنتشر مجتمعياً وتثري المشهد الفني والثقافي، إيماناً بدورها وجديتها في إحياء وإثراء المشهد.


قبل البارحة حلقت بنا الجمعية في مساء مختلف وأعطتنا جرعات مهمة في الثقافة الموسيقية التي يحتاجها أي متذوق للفن الحقيقي في زمن الضجيج والصراخ والتفاهة المحسوبة عبثاً على الفن. أمتعنا الفنان الأكاديمي الأستاذ سهيل جنيد بمحاضرة تطبيقية سهلة وعميقة عن «المقامات الموسيقية العربية، أصولها وفروعها» بمصاحبة فرقة مختصرة ذات خبرة كبيرة، لكن المفاجأة الكبيرة والدهشة الأجمل كانت بحضور المايسترو العربي الكبير سيد مسارح الأوبرا الأستاذ سليم سحاب، الذي تحدث بجمال وبراعة وخبرة عن بعض المفاهيم الموسيقية وصحح ما يشوبها من فهم خاطئ سائد ومتداول، ووضح لنا كثيراً من الحقائق، كان حضور هذا المثقف الكبير والفنان الفخم إضاءة جديدة في نشاط الجمعية، واختتمت تلك الليلة الجداوية البهيجة بالصوت العذب لمغنية الأوبرا الفنانة الرقيقة الراقية سارة سحاب، التي نقلتنا إلى عوالم أم كلثوم والسنباطي وعبدالوهاب وبقية كبار زمن الفن الجميل.

شكراً للجمال الذي أمتعتنا به الجمعية.