-A +A
بدر بن سعود
في مايو الحالي زاد بنك الاحتياطي الأمريكي سعر الفائدة، وأوصله إلى 50 نقطة أو لما نسبته نصف في المئة، والمتوقع أن تستمـر الزيادة إلى 2023، وتصـل إلى 300 نقطة أو 3% ما لم تتجاوز هذه الأرقام، فقد وصلت في 1990 و1991 إلى 20%، وهذا يأتي كردة فعـل على التضخم الذي تجاوز 8.5%، وهو ما لم يحدث إلا في 1982، وكان السبب فيه ارتفاع معدلات الإنفاق الاستهلاكي للأفراد خلال العامين الماضيين، ومعه خفض أسعار الفائدة إلى مستويات صفرية في الدول الصناعية الكبرى وبالأخص في أمريكا وأوروبا، وكلها جاءت لمعالجة تداعيات الأزمة الأوكرانية، وارتفاع أسعار النفط والغاز والمحاصيل الزراعية وبنسبة 30%، وتزامنت مع محاولات التعافي الاقتصادي من كورونا.

بنك التسويات الدولية استخدم بيانات 21 اقتصاداً في الأسواق الناشئة، أو التي انتقلت من مرحلة الاعتماد على الزراعة وتصدير المواد الخام إلى مرحلة التصنيـع، وأصبحت أكثـر اندماجاً مع الأسواق العالمية، ومستوى دخل شعوبها من منخفض إلى متوسط، ومن أمثلتها، مصر وروسيا وتركيا، وقد لاحظ البنك في بياناته التي شملت الفتـرة ما بين 1990 و2019 أن كل زيادة في الدولار بنسبة 1% تؤدي إلى انخفاض في النمو الاقتصادي للأسواق الناشئة، وبمقدار نصف في المئة.


ما قيل قد يتسبب في خفض برامج الدعم والإنفاق الاجتماعي، وتعطل عجلة التنمية وإفلاس الشركات وزيادة أرقام البطالة وتدهور الأوضاع المعيشية، ورفع أسعـار الفائدة سيرفع كلفة الاستيراد الخارجي ومعها الدين الحكومي، وتحديداً في الدول التي لديها مستويات ديون عالية بالدولار، ومن أبرزها، إندونيسيا والبرازيل والمكسيك وجنوب أفريقيا وتركيا، خصوصاً أن ديون هذه الأسواق قدرت في 2020 بحوالى أربعة تريليونات دولار.

القرار سيؤثر بالتأكيد على دول الخليج والمنطقة العربية، وربما أدى إلى خروج المستثمرين الأجانب من أسواقها، والتوجه نحو الاستثمار في السوق الأمريكي، وانخفاض أسعار العملات مقارنة بالدولار سيترتب عليه ارتفاع أسعار المنتجات على اختلافها، لأن قوتها الشرائية ستتراجع، ولكنها ستنخفض في المستقبل، وديون العرب وفق دراسة للجنة الإسكوا الأممية وصلت إلى تريليون وأربعمائة مليار دولار في 2020، وهذا يمثل ما نسبته 60% من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية.

وزارة المالية السعودية استبقت الإجراء الأمريكي، وربطت جزءاً من احتياطاتها بالبنوك المحلية، ورفع البنك المركزي السعودي سعر الفائدة، وسيستمر في الرفع لتعزيز قدرات الدولة التنافسية، ولتحقيق الاستقرار النقدي والمالي، ووفق إحصاءات شركة إبسوس العالمية لعام 2022، فقد تصدرت المملكة قائمة 27 دولة حول العالم في المجالات السياسية والاجتماعية، وسجل فيها السعوديون ثقة بالإجراءات والأنظمة الحكومية في المملكة، وأنهم أقل قلقاً من التضخم وبنسبة 10% مقارنة بقلق عالمي يصل إلى 32%، وأقل توجساً من البطالة وبنسبة 15% بينما المعدل العالمي وصل إلى 31%.