-A +A
بشرى فيصل السباعي
أمتع هواية يمكن لإنسان أن يحترفها هي حل غوامض العالم، ومن هذا المنطلق أعتقد أني توصلت لمعرفة ماهية أهم غوامض الديانات السماوية الثلاث وهو ما يسمى في الأحاديث النبوية بـ«كنز الكعبة» حيث إن الأدلة الظرفية التي توصلت إليها تدل على أنه ليس كنزا من المال والذهب، إنما كما تشير الأدلة التالي ذكرها هو ما يسمى بأقدس أقداس اليهودية والمسيحية وهو «تابوت العهد» الذي ورد ذكره في القرآن (وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ) (البقرة/‏248). ونبدأ بالأحاديث النبوية عن كنز الكعبة؛ «ثم تجيء الحبشة فيخربونه -الحرم المكي- خرابًا لا يعمر بعده أبدا، وهم الذين يستخرجون كنزه» رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني. «اتركوا الحبشة ما تركوكم؛ فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة» رواه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه الألباني. «يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة» البخاري ومسلم. وسبب إصرار أهل الحبشة/ ‏إثيوبيا على هدم الكعبة ابتداء من أبرهة/ ‏أبراموس -ملك مسيحي من مملكة أكسوم بالحبشة غزا مكة بالقرن السادس الميلادي- وصولا إلى «ذو السويقتين» بآخر الزمان هو أمر يتفرد به أهل الحبشة وهو الزعم بأن تابوت العهد الذي اختفى من معبد الهيكل اليهودي بالقدس عند تدميره بالغزو والسبي البابلي وفقد أثره هو موجود بكنيسة بمدينة أكسوم بالحبشة اسمها «Church of Our Lady Mary of Zion» والقسم الذي يوجد فيه الصندوق الذي يحوي تابوت العهد لا يدخله إلا قس واحد يحبس فيه ولا يخرج منه أبدا حتى يموت ولا يقابل أحدا ولا يفتح الصندوق، ورغم محاولات علماء الآثار وصناع البرامج الوثائقية الغربيين الحصول على صورة له لم يتمكنوا من ذلك، والذي أعتقده أن ما يوجد بكنيسة أكسوم مخطوطة تدل على مكان تابوت العهد وهذا سبب إصرار ملوك الحبشة المتعصبين دينياً على غزو مكة وهدم الكعبة لاستخراج كنزها عبر التاريخ فيبدو أنهم يطالعون هذه المعلومة، ونبوءات التوراة والإنجيل أشارت ضمنيا للمكان الجديد لتابوت العهد؛ فمن يبحث في «صور جوجل» عن كلمتي «New Jerusalem-القدس الجديدة» بالإنجليزية التي بداخل معبدها تابوت العهد سيرى الرسومات الدينية اليهودية والمسيحية للقدس الجديدة المنتظرة التي بداخلها تابوت العهد بأنها تبدو تماما كالكعبة فهي مذكورة بنبوءاتهم بالمقاسات، «التوراة/‏سفر حزفيال:40-48». «الإنجيل/‏سفر الرؤيا:21». ولذا اليهود عندما يريدون الصلاة يربطون على جباههم مكعبا أسود يسمى «تيفيلين–Tefillin» فهو رمز للقبلة التي يجب أن يتوجهوا إليها وهي «القدس الجديدة» المنتظرة التي لها هيئة مكعب أسود كالكعبة بمكة لكنهم يستعيضون بالتيفيلين عن السجود لقبلة الكعبة بأن يضع كل مصلٍّ كعبته على جبينه، وهناك دليل يعادل شهادة شهود عيان على أبرز خاصية لتابوت العهد وهو أنه عند مسه تخرج منه مثل صاعقة برق قاتلة كما ذكرت التوراة عن سائق العربة التي تحمل تابوت العهد «عزى ابن ابيناداب» فلما مال التابوت على العربة وضع يده عليه ليسنده خرجت بارقة من التابوت وصعقته ومات «سفر صموئيل6: 3-8»، «سفر الأيام 13: 7-11»، وهذا ما روي بالمصادر الإسلامية أنه يحدث عندما يمس أحد الأساس الأعمق تحت الكعبة عندما تم تجديد بنائها حيث يرون بارقة تخرج منه ويحصل مثل زلزال؛ روى ابن عباس وابن هشام وابن إسحاق أن هذا حصل لقريش عندما أعادت بناء الكعبة «عمد رجل منهم لحجر من الأساس الأول بعتلة فأبصر القوم برقة/‏بارقة تحت الحجر كادت تلتمع -تعمي- بصر الرجل، ففزع الرجل والبناة» ورُوي أن هذا تكرر حدوثه عندما أمر الصحابي عبدالله ابن الزبير بحفر الأساس أسفل الكعبة لتجديدها، والأساس وصف أنه صخور ضخمة بحجم الجمال مشبكة مع بعضها بطريقة التعشيق، وحاليا لا يتطلب الأمر الحفر حيث يمكن كشف الأشياء المدفونة عبر «الرادار المخترق للأرض- Ground-penetrating radar/‏GPR» وإن ثبت وجوده فهذا ينفي كون المسجد الأقصى هو مكان معبد الهيكل المنتظر لليهود «القدس الجديدة» الذي يجعل اليهود والمسيحية الصهيونية يريدون هدم المسجد الأقصى لإقامته مكانه، وأيضا تطبيق النبوءة على الكعبة هو تصديق من التوراة والإنجيل على دين الإسلام، مع العلم أن «بولس» مؤسس المسيحية الذي لم يلتقِ المسيح، قبل بدء بولس دعوته قال إنه هاجر للجزيرة العربية وبقي فيها ثلاث سنوات بدل الهجرة للقدس وقال إنه كون عقيدته حول المسيح بدون الاستعلام من حواريي المسيح وأهله «الإنجيل/‏سفر غلاطية 1: 17،18». وأخذ عقيدة أن المسيح ابن الله من فرقة يهودية بالجزيرة العربية تعتقد أن «عزير» ابن الله وهذا اعتقاد لا يوجد لدى غير هذه الفرقة من اليهود وانقرضت -ألّف بولس 14 سفرا من 27 سفرا للإنجيل- فبولس كان على ما يبدو يعرف أن الكعبة هي «القدس الجديدة» ولذا بعد إيمانه بالمسيح هاجر للجزيرة العربية منتظرا أن تبدأ أحداث آخر الزمان الخاصة بعودة المسيح وإعادة إقامته للهيكل المنتظر للقدس الجديدة المحتوي على قدس الأقداس تابوت العهد. ومما يثبت اعتقاد مسيحيين بأن الكعبة هي القدس الجديدة الروايات عن وجود تماثيل وتصاوير عديدة للمسيح وأمه داخل الكعبة بالجاهلية وتعبّد المسيحيين لها (عن ابن جريج قال: سأل سليمان بن موسى عطاء بن أبي رباح وأنا أسمع أدركت في البيت -الكعبة- تمثال مريم وعيسى قال: نعم أدركت فيها تمثال مريم مزوقا في حجرها عيسى ابنها قاعدا مزوقا. قال: وكانت في البيت أعمدة ست سوارٍ.. وكان تمثال عيسى بن مريم‏ ومريم في العمود الذي يلي الباب.. قال ابن جريج: ثم عاودت عطاء بعد حين فخط لي ست سوارٍ كما خططت ثم قال: تمثال عيسى وأمه في الوسطى من اللاتي تلين‏ الباب الذي يلينا إذا دخلنا.. وعن عمرو بن دينار قال: أدركت في بطن الكعبة قبل أن تهدم تمثال عيسى بن مريم وأمه). «كتاب أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار، الأزرقي/‏ت:250هـ» وذكر روايات أخرى عن وجود رسوم للمسيح وأمه على جدار الكعبة الداخلي. والعرب الوثنيون كانوا لا يعبدون المسيح ضمن آلهتهم (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) (الزخرف/‏57)، (وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ...) (الزخرف/‏58). أما كيف انتقل تابوت العهد من هيكل القدس عند تدميره إلى أسفل الكعبة؟ (تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ).