-A +A
أريج الجهني
ما إن أعلنت وزارة التعليم خبر عودة التعليم الحضوري للأبطال الصغار في المرحلتين الابتدائية ورياض الأطفال إلا وتصاعدت معها المشاعر بين الفرح والخوف والترقب؛ فبقدر فرحة الأسر بعودة الأطفال للمدرسة أسوة بدول العالم بقدر ما ترافقت معها بعض المخاوف المبررة على هؤلاء الفئة التي تتطلب الكثير من الجهد التعليمي وتحديات الاحترازات الصحية مع أصحاب الوجوه الصغيرة والنشاط العفوي. لكن الثقة العالية بأجهزة التعليم والمدارس تضاعفت مع الأزمة وشاهد الجميع كيف تفوقت التجربة السعودية ولله الحمد في العامين الماضيين وكلنا ثقة بمعلمينا الكرام الذين لهم الفضل الكبير بعد الله في دعم الأطفال ومساندة الأهالي طوال الجائحة.

بالتأكيد أن سير العمليات التعليمية سيكون وفق النماذج التشغيلية والبروتوكولات والإجراءات الصحية المعتمدة من هيئة الصحة العامة. والذي يهمني هنا هو التمهل في الحكم على القرار والتكاتف مع المؤسسات التربوية في العبور الآمن للأطفال، وأهم مراحل التكيف مع القرار هو الاستقرار النفسي لكافة الأطراف والدعم الاجتماعي. علينا أن نكون واقعيين في تفهم مشاعر الغضب والانزعاج والخوف لدى الكبار قبل الصغار وأن تكون هناك شبكات دعم نفسي في إدارة كل منطقة تعليمية.


التنمر؟ نعم هناك مخاوف مرتفعة من تصاعد وتيرته في الأسابيع الأولى من العودة. إشغال الطلبة بالأنشطة والتركيز على الفروقات الفردية أمور هامة. بل أرجو ألا يكون التحصيل العلمي هو الهدف من التعليم فهو تحصيل حاصل بنظري، والمهارات والوعي هي الأهم سواء للمستقبل أو حتى لمواجهة الحياة. فالأطفال اليوم لديهم صعوبات حقيقية في القراءة والكتابة والتركيز بجانب إدمان الأجهزة الذي ابتلينا بها في هذا العصر، نعم الأمر ليس بالبسيط لكن مواجهة الواقع خير من انتظار المجهول.

شخصياً أرى أن عودة الأطفال أهم بكثير من عودة التعليم العالي الذي لم يستفد فعلياً من التجربة بل عدنا وعاد التشدد في الحضور وكأننا لم نتعلم كيف نستفيد من التعليم عن بُعد خاصة في مرحلتي الماجستير والدكتوراه. شخصياً لا أرى أن من المنطقي حضور الطلبة الباحثين كل أسبوع وكأنهم أطفال لضبطهم. في الدكتوراه لا أتذكر أنني كنت أحضر للجامعة إلا للقاء مشرفتي مرة بالشهر وهذا النموذج الذي أراه أكثر مناسبة للطلبة في الجامعات. بكل حال هناك أيضاً نقطة مهمة سيكون جيداً أن نستفيد من التقنية والتعليم المتزامن بتقليص أيام الحضور للتعليم العام أربعة أيام كافية للحضور ويوم خامس يكون عن بُعد. إن لم نستفد من التقنية ونبسّط الأمور فنحن كمن يعود لنقطة الصفر في كل مرة.

المرونة هي كل ما نحتاج، مرونة الأنظمة ومرونة الأفكار ومرونة التنفيذ. التشنج والتعقيد لا تعالج قضايا التعليم ولا تنفع مع هذه الأجيال الذكية. أطفال اليوم لديهم وعي متراكم وإن لم يظهر في لغتهم تجده في طريقة تفكيرهم وآرائهم التي لو كنا نقولها ونحن في عمرهم لعوقبنا وحرمنا من اللعب. عوداً حميداً وحفظ الله كل أطفالنا الأبطال الذين هم أساس وعماد رؤيتنا وثروتنا. وبارك الله في كل من بذل جهداً من مربين ومعلمين وإداريين وقادة، نحن بخير ولله الحمد والقادم أجمل بإذن الله.