-A +A
رامي الخليفة العلي
يلملم العام 2021 أوراقه الأخيرة استعداداً للرحيل، بينما يطل علينا عام جديد، نسأل الله أن يكون عام خير على المملكة شعباً وقيادةً. ومن المفيد إجراء جردة حساب سريعة وخاطفة وبما يتسع له المجال. فقد كانت الخطوات الأولى من هذا العام مبشرة عندما استضافت المملكة العربية السعودية قمة العلا لدول مجلس التعاون الخليجي، ولعل الكلمات التي صاغها الأمير محمد بن سلمان عند استقبال الأمير تميم بن حمد لخصت بكثير من العفوية طي صفحة الخلاف الخليجي ـ الخليجي، وهذا سيكون له تأثيره الكبير على المنطقة وعلى العالم العربي برمته، وهنا تدخل العلاقات العربية ـ العربية مرحلة جديدة، باعتبار أن مجلس التعاون الخليجي يمثل الكيان الصلب المتبقي من العمل العربي المشترك، وهذا بالتأكيد انعكس على كثير من الملفات. بدأ العام بسياسة غير واقعية من الإدارة الأمريكية الجديدة، حيث كان من وعود الرئيس الأمريكي بايدن إيقاف الحرب في اليمن، ولكن دون دراية بتعقيدات الملف اليمني وتشعباته وارتباطاته الإقليمية وخصوصا مع النظام الإيراني، فكان أن رفعت وزارة الخارجية الأمريكية اسم جماعة الحوثي من المنظمات الإرهابية. في هذا الإطار قامت المملكة بطرح مبادرة لوقف إطلاق النار فرفضها الحوثي، كما فشل المبعوث الأمريكي في دفع الجماعة الإرهابية للجلوس على طاولة المفاوضات. عبر النشاط الدبلوماسي والحوار الهادئ والمتزن مع الإدارة الأمريكية الجديدة استطاعت المملكة في بداية الأمر أن تدفع بايدن وفريقه إلى التحلي بالواقعية ومن ثم أصبح هناك تفهم أكبر لمواقف المملكة، بل وصل الأمر في الأسابيع القليلة الماضية إلى تبني بعض وجهات نظر المملكة في الصراع اليمني. ما تزال واشنطن بعيدة عن الموقف المرجو من قوة عالمية يجدر أن يكون لها دور أكثر حزما. في الموقف من إيران، مدت المملكة يدها بالحوار من النظام الإيراني في العاصمة العراقية، المحادثات كانت استكشافية كما وصفت من قبل المملكة، وهي لم تؤد حتى الآن إلى تفاهمات واضحة بسبب التعنت الإيراني ولكن مجرد المفاوضات خطوة مهمة باعتبارها تكسر الجليد بين الطرفين، الكرة في الملعب الإيراني ولكنها حتى الآن لا تجيد استغلالها.

قوة إقليمية أخرى شهدت العلاقات معها بعض التطورات الإيجابية ونتحدث عن تركيا، ولكن الثقة بالرئيس التركي ليست كبيرة ولا أحد يستطيع أن يؤكد أن التغيير في مواقفه توجه إستراتيجي أم مجرد حركات بهلوانية تكتيكية، والطريقة الوحيدة أمام القيادة التركية لإثبات ذلك أن تنسجم أفعالها مع أقوالها حتى تفتح أمامها كل الأبواب، ليس فقط على مستوى القيادات بل الأهم على مستوى الشعوب، الباب فتح ولكنه ما زال مواربا بانتظار بناء الثقة التي يجب أن يقوم بها النظام التركي. أما موقف المملكة المنحاز إلى العالم العربي فما زال ثابتا مثل مساندة الحق الفلسطيني والتمسك بالمبادرة العربية، ومواجهة التنظيمات الراديكالية والمتطرفة، والانفتاح على كافة الدول العربية لإعادة اللحمة للبناء العربي. كما نجحت المملكة في بناء علاقات متوازنة على المستوى الدولي كرست المملكة كرقم صعب في المعادلات العالمية القادمة. وللحديث بقية.