-A +A
جميل الذيابي
إنها رحلةُ الكبار.. رؤيةُ العزم الواحد نحو توحيد المواقف وتقوية التكامل الخليجي لمواجهة التحديات بروحٍ واحدة.

جولة تهدف إلى تعزيز التعاون وتعميق العلاقات وتقوية الشراكات بين دول الخليج؛ التي تتقاسم معها السعودية كلَّ مقومات الحياة؛ من لغةٍ، وانتماءٍ، ودينٍ، وعاداتٍ وطموحاتٍ، وتطلعاتٍ شعبيةٍ واحدة.


إنها رحلة الأخوّة وتقوية الأواصر التي تمكّنت من لجمِّ مزاعم الحاقدين؛ الذين ما برحوا يروّجون أن هناك خلافات خليجية - خليجية.

رحلة كَتبت للعمل الخليجي المشترك عمراً جديداً، ما ستنتج عنه مواقف قوية عندما تستضيف العاصمة السعودية الرياض، خلال الأيام القليلة القادمة، اجتماعات القمة الخليجية.

ولا شك أن الرحلة التي قام بها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز للأشقاء في سلطنة عُمان، ودول الإمارات، وقطر، والبحرين، والكويت، تضع الأساس للنجاح المرتقب للقمة الخليجية، وتعبّر عن تطابق المواقف ووحدة المصير.

لم تكن جولة ولي العهد للعواصم الخمس الخليجية عابرةً أو عاديةً؛ بل كانت مصافحةً لتقوية العلاقات وكل الروابط والأواصر الأخوية؛ فخلال زيارته لسلطنة عُمان الشقيقة تم افتتاح الطريق البري بين المملكة والسلطنة، وهو ما يختصر المسافة بين البلدين، وبه يكتمل الربط بطرق مباشرة مع دول الخليج كافة، بعد أن ظل هذا الطريق حلماً يراود السعوديين والعمانيين، وهو ما تحقّق خلال هذه الزيارة التاريخية.

كما أن زيارة الأمير محمد بن سلمان لبقية الدول الخليجية الأربع، رسمت أساساً جديداً لعلاقات وشراكات قوية بين بلدانه في زمنٍ يتطلب تعزيز الوحدة الخليجية، وتكثيف التنسيق لمواجهة التحديات والاضطرابات في المنطقة، خصوصاً سياسات إيران المزعزعة لأمن واستقرار الإقليم، بدعمها المتواصل للمليشيات والتنظيمات الإرهابية؛ كحزب الله الذي يقوّض الاستقرار في لبنان، وجماعة الحوثي التي تحارب بالوكالة لإلحاق الضرر باليمن وجيرانه.

ولهذا يمكن القول إن نجاح جولة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، عنوانٌ للموقف الخليجي الموحّد، والتناغمِ في السياسات، وترسيخِ أسس التحاور والتشاور لضمان أمن منظومة «التعاون الخليجي»، وستبقى القافلة الخليجية ماضيةً نحو المستقبل بكل ثقةٍ وتفاؤلٍ مهما علا نباح الكارهين والحاسدين؛ لأن أهداف الدول الخليجية واضحة وعميقة بين دوله مجتمعةً، وهذا ما يؤكده استمراره لأربعة عقود.

كانت أيضاً جولةَ محبةٍ خليجية، إذ إن جميع العواصم التي حطّ فيها ولي العهد حرصت على إظهار مشاعر الأخوّة والمحبة، وكانت لقاءاته الرسمية عناقاً لكل فرد من هذه الشعوب الشقيقة. فمن في الخليج والعالم لا يعرف ولي العهد الشاب الشغوف المتمكن، الذي «هندس» رؤية السعودية 2030، ما فتح أبواب السعودية للعالم.

الأكيد أن جولة الأمير محمد بن سلمان تعتبر نقلةً بل طفرة في طبيعة العلاقات بين السعودية وشقيقاتها من دول الخليج، لتتحدث قمة الرياض الخليجية القادمة بصوت موحّد، ولتعبّر عن مواقف منسّقة، ولتشدّد على قدرات الدول الخليجية الست على الدفاع عن نفسها ضد أية تدخلات خارجية أو محاولات تخريبية تسعى إلى زعزعة أمنه واستقراره ورخاء شعوبه.

والأكيد أيضاً أن النظرة إلى المستقبل التي ينظر بها ولي العهد السعودي هي خريطة طريق الخليج إلى الحصانة من المخاطر المحدقة، والتكامل الخليجي الحقيقي، بين أشقاء تجمعهم اللغة والدين والمصاهرة والتاريخ والجغرافيا.