-A +A
علي محمد الحازمي
قبل العام 1979 كانت معظم الدول العالمية تعمل اقتصادياً بشكل أحادي، مما نتج عنه العديد من القضايا الاقتصادية الهامة التي أثرت على الاقتصاد العالمي بشكل مباشر أو غير مباشر كالضغوط الحمائية، وزيادة البطالة، واختلال ميزان المدفوعات العالمي، والتضخم، لذلك كان عام 1979 هو العام الذي تم فيه الاعتراف بوضوح شديد بأن المشاكل الاقتصادية المختلفة التي تواجه الاقتصاد الدولي مرتبطة ببعضها البعض بشكل وثيق، وأن الدول بحاجة إلى اتخاذ سياسات تعاونية مشتركة، مصحوبة بتدابير ملموسة، من أجل حل تلك المشاكل. وبموجب هذا الاعتراف في ذلك التاريخ، دفعت الدول تعاونها الدولي إلى الأمام من أجل تنمية اقتصادية مستدامة شاملة.

على الرغم من ذلك الاعتراف في العام 1979 بأن العالم لا بد أن يتكاتف نظراً للترابط الكبير بين الاقتصادات العالمية، وأن أي أزمة تمر بها دولة معينة من شأنها أن تؤثر على دول أخرى، إلا أن العديد من الدول العالمية لم تلتزم بهذا الميثاق مما تسبب في العديد من الأزمات، البعض منها كانت بسبب الدورات الاقتصادية المعتادة والبعض الآخر كان بسبب نقض ذلك الميثاق المبني على توسيع التجارة الدولية والحفاظ على نظام تجاري مفتوح ودفع النمو الخارجي الخالي من الضغوط التضخمية، وبناء علاقات مع الدول النامية، في سياق العلاقات المتبادلة بينهما، مع الحرص على تنفيذ سياسات ملموسة للتعامل مع تلك المشاكل والاتفاق على ترجمة تلك التعهدات إلى أفعال. لذا شهدنا بعد العام 1979 العديد من الأزمات الاقتصادية والمالية، منها أزمة الديون الدولية في 1982، والركود الاقتصادي في أوائل الثمانينيات الذي أثر على الكثير من دول العالم، والانهيار العالمي المفاجئ والحاد في سوق الأسهم في 1987، والأزمة المالية في أسواق شرق آسيا عام 1997، والأزمة المالية 2008، وأزمة الديون السيادية الأوروبية 2009. وأخيراً، الأزمة التي نعيشها اليوم التي دفعت العالم إلى أعمق وأوسع ركود في الذاكرة الحية، وقتل الملايين بشكل مباشر وغير مباشر، وتسبب في مرض عشرات الملايين. إضافة لتراكم ديون الدول والشركات التي ستغير آفاقها الاقتصادية والمالية لعقود. علاوة على ذلك الفقر العالمي الآخذ في الارتفاع لأول مرة منذ عقود، حيث يقدر البنك الدولي أن ما بين 90 مليوناً و125 مليوناً سيعودون إلى براثن الفقر المدقع، كما أدى إلى جوع ملايين الأشخاص، حيث يموت ما يقدر بنحو 14000 شخص يومياً من الجوع المرتبط بالوباء.


المملكة والصين من الدول القلائل الملتزمة بميثاق سياسات تعاونية مشتركة بين الدول، وهذا كان واضحاً خلال جائحة كورونا عندما نادت المملكة بشطب ديون الدول الفقيرة على الرغم من معارضة العديد من الدول لهذا الطلب ومجانية توزيع اللقاح على الدول الفقيرة، والحث على اتخاذ تدابير استثنائية لدعم اقتصادات الدول النامية من خلال ضخ ما يزيد على 11 تريليون دولار لدعم الأفراد والشركات، إضافة إلى توسعة شبكات الحماية الاجتماعية. في الجانب الآخر لعبت الصين دوراً عالمياً مهماً وذلك من خلال إرسال بعثات طبية للعديد من الدول المتضررة، إضافة لمساعدات طبية بمختلف أنواعها، شملت أكثر من 90 دولة سواء كانت دولا غنية أو فقيرة، فضلاً عن منظمات دولية وإقليمية تضم منظمة الصحة العالمية والاتحاد الأفريقي. علاوة على ذلك شطبت الصين عدداً من الديون على الدول النامية.