-A +A
حمود أبو طالب
ليست مبالغةً ولا تجاوزاً القول بأن الكتلة الخليجية يمكنها أن تكون مماثلة في قوتها الاقتصادية وتأثيرها السياسي لكتلة الاتحاد الأوروبي أو أي تكتل مماثل، وعندما قال الرئيس الفرنسي ماكرون خلال زيارته للمملكة أن جزءاً كبيراً من مستقبل المنطقة يُرسم في المملكة، فإن الكتلة الخليجية باستطاعتها أن ترسم مستقبل الشرق الأوسط لو تم تفعيل إمكانياتها الضخمة، مادياً وبشرياً، بأقصى طاقتها، فهي تتوفر على كوادر بشرية مؤهلة بتعليم نوعي تمثل قوة عمل جبارة، وموارد طبيعية هائلة من نفط وغيره تجعلها في صدارة القرار العالمي بشأن الطاقة، إضافة إلى مزايا أخرى مهمة من حيث الموقع الجغرافي والممرات الحيوية وغير ذلك من الاعتبارات.

لكن المشكلة تتمثل في الاختراقات التي حدثت في جدار المنظومة الخليجية وفتحت ثغرات تسببت في ارتباكات وتوترات بين بعض دوله، الهدف منها إضعاف وحدته وقوته وتأثيره كأهم كتلة عربية، وإشغاله بقضايا بينية بدلاً من انشغاله بتطوير ذاته والانتباه للمخاطر المحيطة به. نعرف جيداً أن ذلك لم يحدث صدفةً بل هو نتيجة مخطط بعيد المدى يقوم بالتكتيك المرحلي ويستخدم دولاً وتنظيمات لتنفيذ أهدافه، لكنه سيفشل عندما يعي الجميع أنه لا خيار سوى وحدتهم وتضامنهم.


وقد كانت المملكة حريصة دائماً على تجنيب منظومة الدول الخليجية الاهتزاز، والعمل على استدامة التوافق والأداء المشترك المتناغم لدولها رغم كل الهزات التي حدثت، وكانت قمة العلا العام الماضي منعطفاً إيجابياً مهماً لإذابة الخلافات وتنشيط العمل المشترك وبداية مرحلة جديدة تستوعب مقتضياتها وحتمياتها، والآن تأتي جولة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لدول مجلس التعاون تأكيداً لحرص المملكة على أفضل عمل مشترك بينها، والتهيئة لقمة قادمة قريبة في غاية الأهمية، تتطلب الوعي التام بما يحدث الآن وما سيحدث مستقبلاً.