-A +A
أريج الجهني
يسمونه مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة وهنا تمت تسميته (وقاية) عن هذا المركز سأتحدث. لكن قبل هذا ومن باب الشفافية فإنني لم أعلم بوجود مركز يحمل ذات الأهداف ورؤية جيدة (تم فحصها في الموقع) إلا بحديث عابر مع طبيب حيث أخبرني أنه يوجد لدينا مركز وقائي وذهبت لأبحث في قوقل ووجدت صفحة خجولة لم يذكر فيها تاريخ التدشين ولم يعلن فيها أي نتائج تم الاكتفاء بسرد الأهداف لم أستغرب لأنني اعتدت على رؤية الخلل في الممارسات الإعلامية للعديد من الجهات الحكومية والتي تكتفي بحديث النخبة رغم أنه مركز يعول عليه الكثير ويتوقع منه أن ينافس سمعة أرامكو! التي يعرفها كل مواطن ومواطنة كبر أو صغر ومهما كانت حالته الاجتماعية فالكل يعرفها.

لماذا بحثت عن معلومات عن هذا المركز؟ لأنني ببساطة بعد فقد والدي رحمه الله ووفاته بسرطان سبق أن أصيبت به والدتي حفظها الله ونجت ولله الحمد تأملت هل توجد قاعدة بيانات لهذا المرض الخبيث؟ وهل تتم توعية أبناء الأسر التي تكرر فيها المرض للفحص المبكر أو حتى التبرع لدراسة الجينات واكتشاف السبب؟ للأسف لا!. لذا دعوت إخوتي وأفراد أسرتي للمبادرة والفحص وأيضاً أدعو القراء لعدم إهمال أي علامات صحية فالكشف المبكر بإذن الله يساهم كثيراً في توقي المضاعفات المرعبة التي أودت بحياة أبي رحمه الله وتقبله في الشهداء.


أصبحت أكثر اهتماماً بجانب الطب التلطيفي وأظن أن ليس المريض فقط من يحتاجه بل حتى أفراد الأسرة بحاجة للتفهم والتقبل قبل وقوع الصدمة. كل هذا على ما يبدو ليس حاضراً في الوقت الراهن في تجربتي لم أشاهد أي اهتمام ولم أتلقَّ أي اتصال من أي جهة سواء كمتبرعة للفحص أو حتى لفهم التاريخ المرضي للأسرة؛ لذا أجد أن مركز وقاية لا يزال في مهده ولا يزال بعيداً عن المواطنين ولا أعلم عن وضع المواطنين من سكان القرى والمدن الهامشية والفقر المدقع في المراكز الصحية التي لا أفهم ما الحاجة لبقائها؟ فهي خاوية على عروشها ولا تقوم بدورها المأمول وأسميها (مراكز الفيفادول) حتى التحاليل المفترض أن تكون بسيطة لا تجدها بل قد تسكن لسنوات في مدينة كالرياض دون أن تعرف ما المركز الصحي الذي تتبعه وفي حي فاخر كالملقا لا يوجد لدينا مركز يعمل! ولا أستطيع الذهاب لمستشفى الملك خالد الجامعي لأن المواعيد هناك تقول (مت قبل أن ترى الطبيب) رغم أني عضوة هيئة تدريس في الجامعة! لكن كنت أضطر وما زلت للذهاب للمستشفيات الخاصة ودفع فواتير (متلتلة) ولا أعلم ما رأي مكافحة الفساد في مستشفيات الجامعات بالمجمل وعمل الأطباء الجهابذة منهم في مستوصفات خاصة والمريض يتشتت ويتكبد الخسائر الصحية والمادية؟!

بكل حال مفهوم الوقاية؛ لا يزال غير مفعل ولا أجد له أي أثر أو إعلان أو توجيه مناسب. أتحدث عن وفاة قريبة حدثت من شهرين! فما بال من توفوا منذ سنوات؟ ولماذا لم نسمع عن بحث طبي واحد يقص لنا عن الحالة الصحية للسعوديين في السنوات العشر الماضية؟ لماذا تنغلق المراكز البحثية على نفسها وتتقوقع بل تتشنج إن مر عليها صحفي؟ أين المكاشفات والتفسيرات للمجتمع وللدولة قبل كل شيء؟ أين تذهب ميزانيات مراكز الأبحاث؟ تمر خمس سنوات دون أن تقرع آذاننا نتائج علمية او دراسات سعودية؟ ما زلنا نعيش على رحمة الله ثم رحمة أبحاث مايو كلينك ودراسات هارفرد وعقول علماء أوكسفورد الأجلاء وكأننا عالة بحثية على العالم رغم تخمة أخبار المبتعثين العباقرة التي نسمعها في تغريدات (فلان دمر السرطان، فلانة اقتلعت السرطان من جذوره) ومع تصاعد التطبيل تتصاعد وفيات السرطان في المملكة. منذ أن توفي والدي وأنا لا يمر أسبوع دون أن أسمع عن وفاة بهذا المرض الذي يصور لنا الهامشيون أنهم دمروه وبالواقع أنه يعشش في جينات الناس دون أن تحرك هذه الجهات الطبية ساكناً.

وأضحكني أخيراً خبر لقاح سرطان الرحم؛ لأنني سبق وكتبت عن الفحص المبكر لسرطان الرحم والثدي ولا يزال الحال على ما هو عليه. جيد إن تم تعميم اللقاح لكن أليس من الأولى معالجة الفكرة من جذورها؟ وإعادة هيكلة قواعد البيانات (المشتتة) ورفع الوعي والذهاب للنساء في القرى والأمهات في الهجر والبادية وتقديم الرعاية اللازمة لهن؟ يبدو أنه لا يوجد أمل في هذا الملف و(الوقاية) لم تصبح الحل بل هي المشكلة للأسف. الاعتماد الكلي على اللقاحات وحدها يعكس مؤشراً خطيراً جداً في الامتناع عن المعالجة الصحية والذهاب للطريق (الأرخص) فالوعي مكلف نعم تكلفة الوعي عالية جداً جداً ولا يدركها إلا العقول الشجاعة التي لا يرهبها غضب مسؤول ولا يفزعها ترند!