-A +A
حمود أبو طالب
لا أدري ما هو سبب الاستغراب من حدوث بعض الممارسات الخاطئة في المناسبات العامة مثل اليوم الوطني، أو في التجمعات الكبيرة، مثل الحفلات الفنية أو المنافسات الرياضية أو غيرها. نسمع أصواتاً تندب أخلاق المجتمع وقيمه وتتحسر على الماضي مع كل حادثة تحرش أو إخلال بالانضباط، كما حدث خلال احتفالات اليوم الوطني مؤخراً، وكأننا كنا نعيش في المدينة الأفلاطونية سابقاً ثم انتقلنا إلى مدينة الشياطين.

هؤلاء الذين يحاولون تكريس خطاب الندم والامتعاض والتبشير بالويل والثبور وعظائم الأمور مما نعيشه الآن يمكن تصنيفهم كالآتي: فئة تعيش في خيال الفضيلة العامة التي يجب أن توجد في كل كائن بشري، وهذه فئة واهمة تتناسى الطبيعة البشرية بما فيها من تباينات بين الخير والشر، هذه الفئة بسيطة وساذجة ويمكن تفهم منطلقاتها. الفئة الثانية تمثل صوت الذين كانت لهم سطوة ويد طولى في التحكم بالمجتمع وفرض الوصاية عليه بحسب نموذجهم الأخلاقي ومفاهيمه، الذين كانت لهم صولات وجولات في التضييق على الناس والتنكيل بهم، وتفصيل الحياة بمقاساتهم ومواصفاتهم، هؤلاء يريدون إقناع المجتمع بأنه على شفير الضياع بعد تقنين مسؤولياتهم وممارساتهم وفق ما ارتأته دولة النظام والقانون الذي يجب أن يخضع له الجميع. أما الفئة الثالثة فإنها تمثل صوت تنظيم الإسلام السياسي بمختلف فصائله التي كانت تنوي شراً بالوطن تحت غطاء الدين، وهؤلاء معروفة تنظيماتهم وطوابيرهم التي تدير حسابات نشطة في منصات التواصل الاجتماعي تحاول زعزعة الثقة في قرارات الدولة وتوجهاتها ومشروعها الإصلاحي.


وبالتالي لا بد من الانتباه لهذا اللغط واستيعاب أغراضه. كلنا ضد الخطأ والتجاوزات الأخلاقية من أي أحد، لكنه لا بد من الإقرار أنه لا يوجد مجتمع بشري يخلو منها، ولهذا تم سن الأنظمة والقوانين التي تحمي المجتمع وتعاقب المخالفين.