-A +A
حمود أبو طالب
أطلق سمو ولي العهد أمس الأول مشروع «إعادة إحياء جدة التأريخية» والمتأمل في اسم أو عنوان المشروع يتأكد أن القصة لن تكون تطويراً أو تحسيناً أو رتوشاً تجميلية، بل إعادة إحياء وبعث جديد لمنطقة تكتظ بتفاصيل التأريخ عبر آلاف السنين، وصولاً إلى التأريخ الإسلامي الذي اكتسبت جدة خلاله أهمية لا مثيل لها بين المدن التي تطل على البحر الأحمر، واستمرت كذلك وصولاً إلى العصر الحديث، لكن قلب هذه المدينة الذي يمثل عمقها التأريخي ورائحته وحكاياتها مع العصور كاد أن يندثر في زحمة ولهاث التحديث العمراني الذي لم يرحم الذاكرة والماضي بزخمه الكبير.

منطقة جدة التأريخية كانت تمثل حزناً عميقاً لكل من يعرف ويعشق تأريخ جدة، تحولت من شاهد جميل على حضارة المدينة وتأريخها إلى مبانٍ تئن من الإهمال، مهددة بالانهيار والاندثار، تجوب أزقتها العمالة المنفلتة وتعشش في دروبها القاذورات. كان التجول في تلك المنطقة مؤلماً لنا وللتأريخ.


منذ لحظة إعلان مشروع إعادة إحياء جدة والكل مستبشر بما سيحدث لأنه مشروع شامل، ولأنه بتوجيه وإشراف من ولي العهد، وأي مشروع يطلقه سموه نعرف أنه غير قابل للتأجيل أو التعطيل أو التقصير أو التشويه. وقد كان من أهم برامج الرؤية إعادة الروح للمعالم التأريخية في كل مناطق المملكة، وبث الحياة فيها من جديد وتحويلها إلى نقاط جذب مهمة للمواطنين وزوار المملكة والبرامج السياحية. كما أنه لا بد من التنويه عن الرؤية الحضارية النوعية لوزارة الثقافة عندما حولت الملامح التأريخية في مناطقنا إلى مشروع ثقافي وطني مهم، وليس شأناً هامشياً يقع في ذيل قائمة الاهتمامات.

جدة التي قال عنها الشاعر بدر بن عبدالمحسن: جدة يا وهج الشموس، أشرقت عليها شمس جديدة بهذا المشروع الذي سوف يزيدها جمالاً وفتنة.