-A +A
عبدالرحمن الطريري
شكل سمو الأمير بدر بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز ما يتجاوز الظاهرة في العالم العربي، وذلك على عدة مستويات، أولاها الاستمرارية وقدرة المحافظة على درجة مرتفعة من جودة وتماسك النص والمفردة والصورة الشعرية، والأمر الآخر وجود إبداع خارج إطار المنافسة وصورة لا تشبه إلا ريشة البدر، حين يرسم قصيدة كما يرسم لوحاته.

هذا ما جعل أجيالا عاشت حياتها على كلمات قصائده وصوت المغنى منها. كتب الأغنية الوطنية فأعاد تعريف الوطن، وأصبحت فوق هام السحب بمثابة النشيد الوطني الثاني، وطرب السعوديين على العديد من الأوبريتات الوطنية في الجنادرية.


أجيال عدة أحبت وفارقت على قصائده، كانت كلماته أفضل وصف للفرح والترح، فقد كان من القلائل وربما النوادر الذين لم يختلفوا حوله، وربما اختلفوا فقط على القصيدة الأجمل أو الأغنية الأروع.

وعلى مستوى الأغنية تحديدا، مثّل الأمير بدر تيار تجديد للأغنية السعودية، وهو تغيير مستمر وشامل، فقد كتب المفردة النجدية والمفردة الحجازية، كما كتب بالفصحى، وتحدث عن قصة سائر أرجاء الوطن، وآخرها المشاركة في أمسية شعرية قبل سنوات في محايل عسير، تقديراً لتضحيات الجنود البواسل في عاصفة الحزم.

شارك سموه في أمسية باليونسكو في يوم الشعر العالمي، لتمثل خطوة للقصيدة السعودية نحو العالمية، حيث ترجمت قصائده بعناية إلى الإنجليزية والفرنسية، وقدمت لجمهور عربي عريض في المهجر.

وهذا ما يجعل الأمير الشاعر يتجاوز مفهوم الظاهرة ليمثل وجدانا لأجيال من الشعب السعودي والخليجي، وبالتالي يمتلك مكانة خاصة في النفوس، وهو ما ظهر خلال الوعكة الصحية الأخيرة، حين اضطر للقيام بعملية جراحية تكللت ولله الحمد بالنجاح.

ظهرت المشاعر على كافة الوسائل الاجتماعية، وأصبح «ترند» في المملكة، محبة غير مشروطة، شعور بأن المفردة تمر بوعكة صحية، وأن القصيدة ليست بخير، بالتوازي مع فرحة كبيرة بنجاح العملية.

هذه المشاعر يلمسها المتابع من الناس بعفوية كبيرة، فلا حاجة للمجاملة في هذا الموضع، ولكن إذا كنت تعرف الأمير بدر شخصيا، فالموضوع يصبح أكثر إيلاما، لأن كل الجمال الذي يراه الناس ما هو إلا غلاف مجلد من كل الصفات التي تأسرك بشخصه قبل شعره، ولذا تتعب لتعبه أكثر وتُشفى إذا شُفي.

أسأل الله لـ«أبو خالد» تمام الصحة والعافية وطولة العمر، فهو نفطنا وطاقتنا المتجددة، ومن يعيد علينا كل يوم تعريف معنى الدهشة والإبهار والإتقان.