-A +A
أسامة يماني
هناك فئة تقاوم التغيير ترفع شعار الإسلام كما يفعل الآن راشد الغنوشي وحزبه حزب النهضة. يعيشون ويقتاتون على الوطن وحاجات الناس. لا يفكرون إلا في مصالحهم الشخصية التي يغلفونها بغلاف الشعارات الفضفاضة التي خلفها الفكر الظلامي وبقايا الاستعمار الذي أوجد حزب الإخوان المسلمين.

ما زال البعض يريد أن ننتكس للخلف والظلام والتخلف بتوظيف عناوين رنانة وشعارات خالية من مضمونها والمسببات والمبررات التي تدل على تهافت مفاهيمها. يقول أحدهم «فإن قوتنا وتقدمنا واستقرارنا يعتمد بشكل رئيس على مدى قدرتنا على المحافظة على هذا المرتكز وتعزيزه والافتخار به، وإعلان سموه على كافة شؤوننا وبرامجنا التنموية، وعدم المغامرة أو المساومة أو التفريط في أي مقوم من المقومات والقيم الاجتماعية المستمدة من الدين مهما تناهت في الصغر؛ لأن التفريط فيها تفريط في مكون من مكونات الهوية الوطنية، وبالتالي فإن من الحكمة المحافظة على الموروثات الاجتماعية المستمدة من الشريعة حتى وإن كانت في ظاهرها أمور ثانوية».


كلام إنشائي فارغ لتحريك المشاعر حيث لم يحدد الكاتب ما هو المرتكز وعناصره وضوابطه، وهل المرتكز كلام البشر وكتبهم واجتهاداتهم التي كانت صالحة لزمانهم؟ أو أن المرتكز يقوم على مفاهيم وقراءات البشر، وتفاسير تقوم على معرفية زمن قديم وآليات تجاوزها العلم والمعرفة.

إن المحافظة على الموروثات الاجتماعية التي ينادي بها هي في واقعها دعوة للجمود والتخلف بحجة سمو وعلو حجية المواريث الشعبية على العلم والمعرفة.

كما حاول الكاتب تسطيح مفهوم الهوية الوطنية وجعلها مكونا جامدا غير متحرك وهذا غير صحيح، لأن الهوية تتكون من مجمل السمات متعددة العناصر المتحركة الديناميكية التي يمكن أن يبرز أحدها أو بعضها في مرحلة معينة وبعضها الآخر في مرحلة أخرى.

وما يذهب الكاتب إلى أن «خصوصيتنا الدينية هي السد المنيع بعد الله ضد أي محاولة للتطاول علينا أو انتقاص حقوقنا»، غير صحيح؛ لأن المنعة والقوة تقوم على الإعداد والعمل والبناء وليس القناعات الشخصية والأيديولوجيات أو الكلمات الرنانة. قال تعالى: «وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ».

كلمة خصوصية من الكلمات الفضفاضة غير المنضبطة، فما هو خصوصي لي يختلف عن الآخر. هكذا يستخدم ويوظف أصحاب الأجندات الكلمات المنمقة الطنانة من أجل كسب البسطاء واستغلال العواطف الدينية، والقناعات والمفاهيم التي خلفها الفكر الظلامي، فأصبح في نظر البعض الحلال حرام بناءً على تراكمات وتفاسير ضيقة ومنحرفة.

الذين يرفعون شعار الدين ويستبيحون دماء الأبرياء وأعراض النساء ويحللون زواج الجهاد والسبي والاعتداء على القاصرات وغير القاصرات وهتك عرضهم، ومع كل جرائمهم ضد الإنسانية يتبجحون ويتكلمون عن الحجاب والفضيلة والأخلاق وهي براء منهم.

لقد عاش المجتمع عقودا في ظلامهم وقهرهم، ولا ننسى كيف كانت الرذيلة تلبس لباس الفضيلة. رأينا الوأد الحديث حيث كانوا يقولون إن المرأة لا تخرج إلا مرتين، مرة من بيت أبيها إلى بيت زوجها، والأخرى لقبرها.. هكذا كانت المرأة تقتل وهي تتنفس في سجنها.

المشي خلف الشعارات الزائفة يجعل المرء أسيراً لمفاهيم مغلوطة، وهدفاً لأجندات مشبوهة، لذا يجب تجنب هذه الشعارات واستخدام العقل كحصن حصين والنظر والتدبر كدرع متين، لأنه السبيل السليم للقضاء على الفتن والضياع.