-A +A
عبده خال
الوقائع التاريخية تتجاذبها أقاويل مدونة أو شفوية، وكل قول يخضع للميول وليس للحقيقة، وإذا تعمقت مقولة تاريخية بالترديد أو سرت على لسان عدة مؤرخين يصبح البحث عن الحقيقة من الصعوبة بمكان.

أقول هذا، بعد محاولات مضنية في تتبع سيرة شخصية تاريخية رغبت أن أكتب عنها رواية، ولم يسبق لي أن انغمست في كتابة شخصية روائية، كوني أؤمن أن الرواية إذا دخلت التاريخ فسوف تكون سجينة للوقائع لا تمكن الخيال من الانطلاق، كما أن غياب الحقيقة تجعل الرواية تجدف بين مقولات ليست صائبة، فكما يميل المؤرخ سوف يجد الروائي نفسه ميالا لتثبيت أقاويل ربما تبتعد عن الحقيقة بمسافات كبيرة، والكاتب الروائي مثله مثل أي مدون ينتفي الحياد، وأعتقد أن ليس هناك كتابة محايدة مهما ادعى الكاتب إن وقف على الحياد.


ومنذ فترة -ليست بالقصيرة- انشغلت بحثا عن فترة تاريخية مرت بالمدينة المنورة، وكلما أمسكت بخيط قادني إلى خيوط متشابكة، متفرعة، ومع أهمية الحدث، وتداخل الشخصيات، وكثرة الوثائق، واتساع فضاء السرد بين عدة دول، غدا تجميع الأحداث المتنافرة في (مغزل) واحد يحتاج إلى ألاعيب سردية تكسر تمدد الزمن، وانتقاء الأهم من الأحداث. ومازلت في حالة (شربكة) أعتقد أني سبقى سجين تلك الخيوط العنكبوتية.

أقول هذا كمدخل للسؤال الكبير:

- هل تمت استعادة (المقتنيات المقدسة) التي تم إرسالها إلى الشام ومن ثم إلى إسطنبول؟

وعلى قدر معرفتي أن استعادة تلك المقتنيات، لم يحدث، فهل تمت المطالبة بها، ولم يلق بال للمطالبات؟.

أعتقد أن الحق والقانون يقف في صف الدول التي تمت سرقت آثارها، ولذا يكون من الضروري تحويل فكرة الاستعادة إلى مطلب وطني، وهذا أدعى لأن تتحرك الجهات المعنية في البلاد لأن تستعيد إرثا له خصوصية نادرة، كون المقتنيات مقدسة في ذاتها وفِي خصوصيتها.