-A +A
عبده خال
في مضمار السياسة ثمة خيول وثمة خيالة وثمة نقطة ليست هي النهاية، بل منعطف لإخراج خيل أو إضافة خيل، هذه الصورة ليست هي المشهد النهائي لما سيكون عليه السباق، فالأهم أن يتجدد الرهان على من يخسر وليس من يفوز لذلك ليس في مضمار السياسة من فائز، بل مسيرون للسباق، وكل مسير له رقعته الجغرافية التي يتحكم بها، وينسق مع آخرين على رسم مشهد السباق لإبقاء الإثارة قائمة، وتحفيز الخيال والخيل على المثابرة ركضاً في المساحات غير المنتهية.

ربما شمت الدول العربية الصحة على انتهاء زمن الإرهاب وجولات الإسلام الحركي بظن أن هذا الزمن قد ولى من غير رجعة، وليست هذه الصحة سوى وهم، يكشفه المضمار السياسي الذي يهيئ لعودة المشهد الإرهابي من جديد، من خبرة الأيام أنها تستعيد أفعالاً ماضوية، وتجديد مبدئها وأهدافها، فلبنات التاريخ هي ذاتها كتصميم وإن اختلفت المادة المصنوعة منها تلك اللبنات.


تهيأ المضمار في الشرق الأوسط بدءاً من عودة الديمقراطيين لسدة حكم أمريكا، فلهم أجندات توقف العمل بها في فترة ترمب.

وكانت الإشارة الرئيسة للعودة إلى أجندات الديمقراطيين العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران وتسليمها خيوط تحريك الإسلام الحركي كمدبر لمواصلة بذره هنا أو هناك (بغض النظر عن المذهبية)، والمتابع يلحظ عودة طالبان (السنية) والتمدد (الشيعي) في الدول التي زرعت بها الأذرع الإيرانية، والتمهيد لجمع شمل الإسلام الحركي بأن قامت برفع الحظر عن الجماعات الإرهابية ومنحتهم الاعتراف الكلي لكي يمارسوا تحركاتهم من جمع أفراد وأموال.

ومن الإشارات الواضحة سحب القوات الأمريكية من المنطقة مع الإعلان أن أمريكا سوف تتجه بقواها العسكرية تمركزاً في البحر الأسود لمواجهة الصين (ومعها روسيا).

وهو الفعل الماضوي الذي كان موجهاً لزعزعة الاتحاد الروسي، وإنشاء القاعدة وجلب المجاهدين، ثم نثرهم في العالم كحركات إسلامية وبعدها الادعاء بحرب الإرهاب الممثل في الإسلام الحركي، تلك الصورة تتم استعادتها الآن بلبنات جديدة ترعاها أمريكا وليس مهماً الأدوات التي سوف تعمل لاستعادة الجماعات الإرهابية، وهذه المرة ليس هناك بذل جهود لخلق الجماعات الإرهابية، فهي متواجدة تشتعل نيرانها تحت الرماد فقط (نفخة) لعودة الاشتعال.

وما تحت الرماد هم: القاعدة.. داعش.. الإخوان.. وهم جماعات لم تنتهِ، وما زالت متواجدة على رقعة الشطرنج.. الآن ننتظر متى يبدأ اللعب، وتحريك القطع علما أن اللعبة لا تنتهي بل هي لعبة دائمة لا تصل إلى المنتهى، فقبل وصولها إلى النهاية تتم إعادة القطع إلى مواقعها من أجل خلق إثارة في لعبة جديدة!

قلت سابقاً، مضمار السياسة به خيالة وخيول ومسيرو السباق.