-A +A
حمود أبو طالب
لم أصدق الخبر الذي تم تداوله قبل أيام قليلة عن وجود أشخاص يعلنون عن استطاعتهم تغيير الحالة الصحية المتعلقة بكورونا للذين لم يتلقوا اللقاح مقابل مبالغ مالية، لم أصدق لأن ذلك تهور شديد وحماقة كبيرة وجرأة لا يمكن تخيلها، وهنا نحن لا نتحدث أخلاقياً عن كونهم يستثمرون فسادهم في جائحة وبائية لأن شيطان الفساد الكامن فيهم ليس لديه معايير أو ضوابط، وإنما نتحدث عن كون أي فرد لدينا يعرف القدرة العالية لأجهزتنا الأمنية في ضبط مستخدمي وسائل التواصل لأغراض مشبوهة مهما حاولوا التخفي، وأن حملة مكافحة الفساد بكل أشكاله قائمة بحزم شديد، فكيف يقدم شخص يعرف هذه الحقيقة على التورط في جريمة نكراء كهذه.

نعم هي جريمة شنيعة بمعايير الإنسانية، وخيانة عظمى بمقاييس الوطنية، فإذا كان هناك أشخاص لا يريدون أخذ اللقاح فذلك شأنهم رغم خطورة ذلك عليهم، لكن أن يوجد من يزور المعلومات بشأن حالتهم الصحية مستغلاً طبيعة وظيفته والثقة المرجوة فيه خلال هذه الظروف فذلك ما لا يمكن استيعابه. أعود وأقول إنني لم أصدق الخبر حتى ظهر بسرعة بيان هيئة الرقابة ومكافحة الفساد ليؤكد ضبط العصابة من موظفين في القطاع الصحي، وسماسرة ومستفيدين، وإحالتهم للقضاء لتورطهم في جرائم الرشوة والتزوير وغسل الأموال.


تخيلوا كيف لو نجحت محاولتهم ثم استمروا لتكون النتيجة وجود أشخاص قد يكونون مصابين لكنهم يخالطون ويتنقلون باعتبارهم محصنين، ما هي الجناية التي ستحدث بحق المجتمع، والتضليل الذي سيتخلل الإحصائيات والمعلومات عن المرض والمرضى، في وقت تقف الدولة بكل إمكاناتها لمحاصرة الوباء، ويعيش المجتمع أقصى درجات القلق منه.

هؤلاء جريمتهم أكبر من كونها رشوة وتزويرا وغسل أموال، لأنها جريمة بحق الحياة والإنسانية، وخيانة للدولة والمجتمع، نأمل أن يكون عقابها سريعاً ورادعاً.