-A +A
عبده خال
ما زلت مصراً على أن العالم يعيش في منظومة (نظام التفاهة) ودينامو هذا النظام هو الجانب الاستهلاكي، استهلاك كل شيء من غير مصدات للقيم والأخلاقيات، ففي بداية التسعينات هلّلت الدول (بالعولمة) ذات الأضلع الثلاثة (الاقتصاد، الإعلان، الثقافة)، وظهرت أصوات محذرة من تعميم السلوك البشري، لأن العولمة سوف تكون مضخة لتوزيع نسخة وحيدة للحياة، بحيث يتم القضاء على خصوصية كل مجتمع عبر الزمن الطويل، (وبغض النظر عما يحمله الفرد من مفاهيم لتلك الخصوصية)، ومع ثورة التواصل الاجتماعي غدونا نستجير بالنار من النار.

ومع إيماني بالتواصل الأممي إلا أن هناك حدوداً أخلاقية تسمو بالإنسان كي لا يتساوى مع بقية الكائنات غير العاقلة.


والملاحظ أن كثيراً من السلوكيات التي تحافظ على إنسانية الإنسان يتم خرقها، بحجج مختلفة قد يكون أهم تلك الحجج أن حرية الإنسان لا تحد أو تقيد، ومقابل هذه الحجة أن الحرية مسؤولية تمنع الفرد من انتهاك حدود الآخرين وفق القول الشائع (تقف حريتك عندما تتجاوز على حرية الآخرين).. كثرت التجاوزات ورقّت أخلاقيات السمو الإنساني حتى غدت لا سماكة لها!

كنت ضمن الناس الذين تابعوا الكشف المهين الذي أعلنت عنه السيدة ندى عادل طليقة المطرب تميم يونس عن تعرضها للاغتصاب الزوجي، وأن تصرح بهذا فهي خرقت أخلاقيات مجتمع ظل لزمن طويل يعتبر العلاقة الزوجية سراً خاصاً لا يذاع ولا يعمم، وأن المشاكل الزوجية الحميمة وجد لها الشارع منافذ تنفذ من غير نشر الفضائح، فالمرأة تستطيع (خلع) من يرغمها على ما لا تحب، ووجد للزوج منفذاً بالطلاق (تسريح بإحسان) بدلاً من فضح العلاقة الزوجية، ولأننا نستهلك ثقافات الآخرين، تم استخدام مصطلح (الاغتصاب الزوجي) من خارج حدودنا الثقافية والدينية معاً، ولأن لمواقع التواصل الاجتماعي ضجيجاً وصوتاً مرتفعاً ظهرت مطالبات باقتراح تشريع يعاقب على جريمة (الاغتصاب الزوجي) وهو مصطلح لا يوجد في ديننا ولا في ثقافتنا، ولو حدث إرساء قانون لتنظيم المعاشرة الزوجية، فعلى طرفي العلاقة الزوجية كتابة عقد مضاف لوثيقة النكاح!

ومن غير استحضار هذه الصورة الكاريكاتيرية، الشارع حلها مبكراً، فللمرأة طلب الطلاق وإن رفض الزوج يتم خلعه، وللرجل حل واسع بالطلاق، و«بلاش فضايح»!