-A +A
بشرى فيصل السباعي
عنوان المقال «The Dirty War on the NHS» هو عنوان أحدث فيلم وثائقي لصانع الأفلام الوثائقية الأسطوري «جون بيلجر» الذي حركت أفلامه الوثائقية السياسات العامة والعالمية أكثر من قرارات الأمم المتحدة، وتناول سلبيات واقع خصخصة مؤسسة الصحة في بريطانيا، وعرض من أمريكا قصص رعب صادمة عن النتيجة النهائية التي سيصبح عليها الواقع الطبي في بريطانيا عندما يصل للنموذج الذي يسعى للوصول إليه وهو النموذج الأمريكي المعتمد على التأمين الطبي الأهلي، حيث يموت سنويا بأمريكا حوالي 45.000 إنسان عليهم تأمين طبي بسبب استعمال شركات التأمين حيلا مختلفة لتمنع عنهم علاجات وعمليات مكلفة كان يمكنها أن تجعلهم يحظون بشفاء كامل، من ضمنهم الأطفال، وهذا غير أضعافهم من الذين ماتوا لعدم توفر تأمين طبي لهم، حتى إن عدد وفيات المواليد بأمريكا يقارب أفقر دول أفريقيا بسبب عدم توفر الرعاية الصحية لملايين الأمريكيات اللاتي لا تأمين طبيا لديهن رغم أنهن يعملن أحيانا بوظيفتين، وعدد من ماتوا بسبب سوء الخصخصة الطبية في بريطانيا يفوق عدد من ماتوا بسبب عدم توفر الخدمة الطبية بالدول النامية التي لم تقم بالخصخصة، وقام بلقاءات مع العاملين بالمستشفيات البريطانية وعرض قدر الضرر النفسي الخطير الذي يلحق بهم نتيجة الضغط عليهم من قبل مؤسسات الخصخصة لتفضيل الاعتبارات المالية التجارية على اعتبارات صحة المرضى حتى لدرجة فرض عدد دقائق محددة يقضونها مع المريض وإن لم ينجزوا خلالها اللازم يتعرضون للعقوبات وللفصل كأنهم خط إنتاج صناعي وليسوا عاملين مع مرضى بشر، مما أصاب عديدا منهم بانهيارات عصبية من شدة الضغوط، فكان البديل توظيف برنامج تشخيص طبي كومبيوتري يشخص حالة المرضى بناء على المدخلات لتوفير التكاليف، واحتج الأطباء عليه لأن جزءا كبيرا من التشخيص يقوم على حدس خبرة الطبيب، ومن شدة انخفاض رواتب الأطباء اضطر عدد منهم للإقامة بملاجئ المشردين! كعادة الشركات بخفض رواتب الموظفين للحد الأدنى الذي لا يكفي حتى لدفع إيجار شقة صغيرة مما يضطرهم للعمل بأكثر من وظيفة، وعرض أحوالا صادمة لما تفعله شركات التأمين الطبي بأمريكا، حيث معتاد أن تلقي شركات التأمين بالمرضى بعد العمليات والمحاليل موصلة بهم وجروحهم لم تلتئم بملاجئ المشردين القذرة لتوفير تكلفة إقامتهم بالمستشفى، وأجرى مقابلات مع مسؤولين سابقين بأكبر شركات التأمين الأمريكية قدموا شهاداتهم للكونجرس عن أن الشركات كانت تكافئهم بقدر ما يتحايلون لمنع العلاج والعمليات عن المرضى مما جعل الواحد منهم مسؤولا عن موت آلاف المرضى واستيقظت ضمائرهم متأخرا. لذا لا بد من الاستفادة من تجارب الآخرين ومطالعة المعنيين لهذا الوثائقي وأمثاله -كالفيلم الوثائقي «Sicko» عن النظام الصحي الأمريكي الذي رشح للأوسكار- لتجنب الوقوع بالأخطاء والكوارث التي وقع فيها الآخرون.