-A +A
حمود أبوطالب
من مقر إقامته الفاخر خرج إسماعيل هنية على الملأ بوصفه قائد المقاومة الفلسطينية ليلقي خطاباً مطولاً يبتهج فيه بالنصر المؤزر ـ كما يراه ـ بعد مواجهة ذهب ضحيتها أكثر من 260 فلسطينياً من شيوخ وشباب وأطفال ونساء في غزة، ودمار شامل للبنى الفوقية والتحتية للقطاع، وقدم شكراً خاصاً وحميماً لإيران على دعم حماس بالمال والسلاح،، وفي النهاية طلب من «الإخوة العرب الخيّرين» إعادة إعمار غزة.

حدث ذلك بعد أن وضعت المملكة كل ثقلها السياسي وتأثيرها الدولي على مستوى الدول والمنظمات، وتدخلت مصر بتأثيرها ومركزيتها وأهميتها لدى طرفي المواجهة، لإيقاف الآلة العسكرية الإسرائيلية من دك البشر والحجر في غزة بعد اختطاف حماس لمواجهات القدس وقضية حي الشيخ جراح لخدمة أجندة سياسية تنفذها بالوكالة ضحيتها فلسطين وقضيتها وشعبها.


إننا إزاء معضلة كبرى تنخر عدالة ومشروعية وقانونية القضية الفلسطينية بدأت بنشوء الفصائل والحركات المنشقة التي تدعي تمثيلها وترتكب الحماقات باسمها منذ منتصف القرن الماضي وانتهاء بحماس التي أثبتت أنها الأسوأ لأن الفصائل السابقة كانت تمول وتعمل لصالح بعض الأنظمة العربية ضد البعض الآخر، بينما حماس تعمل لصالح مشروع خارجي توسعي تخريبي يستهدف كل العرب، وتعترف وتجاهر بذلك، إضافة إلى إفسادها للجهود المستمرة التي تهدف إلى حل القضية الفلسطينية وفق القرارات الدولية ومبادرة السلام العربية.

إن دولة كالمملكة تضع القضية الفلسطينية في جوهر سياستها الخارجية كأولوية، وتسعى على الدوام للوصول إلى حلول عادلة منصفة لها، وتتعامل مع السلطة الفلسطينية الرسمية بوصفها الممثل الشرعي القانوني، وكذلك أي دولة عربية أخرى، أو أجنبية متعاطفة مع الحقوق الفلسطينية، ستجد صعوبات جمة تعترض مساعيها المخلصة بوجود حركات فلسطينية منشقة تعمل وفق أجندتها وتسبب أضراراً للفلسطينيين لا تقل فداحة عما يفعله المحتل الإسرائيلي. ولذلك لا تبدو في الأفق نهاية للمأساة الفلسطينية ما لم يتم تحييد حماس وأمثالها، وهذه مسؤولية الفلسطينيين أولاً ثم العرب المخلصين لعروبتهم والقضية الفلسطينية ومعهم المجتمع الدولي الذي يدعي مواجهته للإرهاب والدول الراعية له مثل إيران التي تعبث وتعربد على مرأى العالم.

إن من يقول شكراً لإيران في قضية عربية أمضى العرب 73 عاماً في الدفاع عنها إنما يمثل أكبر خائن لها.