-A +A
حمود أبو طالب
كانت لقطة معبرة جداً تلك التي نشرتها وسائل التواصل الاجتماعي لميدان التحرير في مدينة القاهرة مساء الاحتفالية المهيبة بنقل 22 مومياء لملوك وملكات مصر إلى المتحف القومي الجديد للحضارة المصرية، اللقطة لنفس المكان وبنفس زاوية التصوير لكن في زمنين مختلفين، الأول في عام 2011 عندما كان الميدان مليئاً بالخيام المهترئة وأرتال النفايات والفوضى والشحوب الذي يعلو كل ما حوله، والثاني مساء 3 أبريل 2021 لحظة خروج الموكب الملكي من المتحف المصري، توضح البهاء والألق والهيبة والروعة التي بدا عليها ميدان التحرير وكل ما حوله.

تلك الصورة تختزل ما كان يمكن أن تؤول إليه مصر لو لم ينتبه شعبها وجيشها إلى ذلك المخطط الجهنمي الذي أراد تحويلها إلى دولة فاشلة مستلبة بواسطة تنظيم الإخوان، وما آلت إليه خلال عشر سنوات فقط من استعادة الروح والمكانة والحضارة والموقع في التأريخ القديم والحديث. كان بالإمكان أن تكون كل مقتنيات المتحف المصري في خبر كان، تدميراً أو إهمالاً أو تهريباً أو حتى تبديعاً وتفسيقاً على أيدي خونة الأوطان وتجار الدين في ذلك التنظيم الكالح الذي كاد يودي بمصر خلال عام واحد فقط.


لكننا بفضل يقظة الشعب المصري وتمسكه بإرثه الضارب في القرون وحضارته الموغلة في التأريخ استطعنا أن نشاهد مساء السبت ملحمة غير مسبوقة حبست أنفاس العالم من أقصاه إلى أقصاه، ملحمة بلغت الكمال في كل تفاصيلها، وتحمل رمزية هائلة لا يفكر فيها ويخرجها بذلك الشكل إلا شعب عبقري. لقد أسعدتنا تلك الليلة التأريخية لأنها جسدت لنا بشكل عملي روح مصر التي تعبر التأريخ بوهجها الدائم رغم كل العوادي، ولأنها تقول للعالم هلموا إلى مصر، إلى متحف الحضارات المتعاقبة عبر آلاف السنين، هلموا وأنتم آمنين مطمئنين.