-A +A
عبدالله الحميدان
لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم أحسن الله عزاءنا وجبر مصابنا جميعاً، والحمد لله على ما أخذ وما أعطى، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا (إنا لله وإنا اليه راجعون).. رضينا بقضاء الله وقدره. لقد أخذ هادم اللذات ومفرق الجماعات مؤخراً عمي الغالي وهو -رحمه الله- ليس عمي فحسب، بل أقرب الناس إلى نفسي وقرة عيني عبدالعزيز بن عبدالله الحميدان. غادر الدنيا إلى الرفيق الأعلى راضياً مرضياً، كان -رحمه الله- كريم النفس والمال، طاهر اليد واللسان عفيفاً نظيفاً، راكعاً ساجداً راقياً في تصرفاته، أنيقاً في كلامه، رقيقاً في مشاعره، كان المثال -رحمه الله- في الورع والمحافظة على فروضه ونوافله، نزيهاً، متواضعاً، طيب السيرة والسريرة، مميزاً في عمله وتعامله، يغلب عليه نكران الذات، نموذجاً لصلة الرحم، والتسامح، والعفو، أحبه الناس على مختلف مستوياتهم والمولى سبحانه وتعالى كما ورد في الأثر عندما يحب عبداً يحبب فيه خلقه. لم يحقد على أحد قط، ولم يعتب على أحد قط، يفعل الخير ويدعو إليه، ولم تكن تعلم يمينه ما تنفق شماله، لم أسمعه يغتاب أحداً، أو يعتب على أحد أو يحقد على أحد، بل كان أفضل من طبق مقولة (خير الناس أعذرهم للناس). كان شاباً مع الشباب، ومسناً مع المسنين، وألطف ما يكون مع الأطفال واليافعين،، يحرص على إدخال السرور والبهجة على كل من حوله، وكان منزله مقصداً للزائرين ومقراً للأقارب والأهل والأصدقاء، يقيم البعض في منزله ساعات ويقيم البعض أشهراً، وكل من أقام عنده يخرج وقد ارتاحت نفسه، ونسي همومه، وعادت السكينة إلى نفسه وقلبه. سبحان الله العظيم دعاه الأخ علي لمزرعته بالعمارية فاستجاب، وكان كعادته الابتسامة لا تفارق محياه، ودوداً في حديثه، لطيفاً في حضوره، ثم ذهبت إليه مع أبو رغد قبل شهر، ولكأنها كانت زيارة الوداع، دعوته، وكعادته أصر أن يكون الاجتماع عنده، وما شاء الله فعل، فلن يكون بعد ذلك لقاء إلا في الدار الآخرة في مقعد صدق عند مليك مقتدر.. سألته في آخر لقاء: ما الذي تفتقده وتحتاجه يا عم...

قال لي: الحمد لله احتاج فقط لرحمة ربي.. وأشعر بضيق لأنني لا أستطيع الصلاة في المسجد.. وعرف عنه -رحمه الله- أنه مواظب على الصلاة في المسجد منذ كان في السابعة من عمره، ولم يغب عن صلاة منذ ذلك الوقت حتى تدهورت صحته رحمه الله..


ما أحر وأصعب الفراق، خاصة لمن كان ملء السمع والبصر، ومن غمرني وغمر الكثير بفضله ومعروفه، كان والداً لي وأخاً وصديقاً، ولم ولن الحق جزاءه، له من المواقف معي ومع الكثير ما لا يمكن للمرء حصره، وما يعجز اللسان عن ذكره، وأنك لتعجب من أين له كل هذا؟

لكن وما أصعب كلمة لكن، هذه سنة الله في أرضه، ماضية في خلقه إلى يوم القيامة، فهم السابقون ونحن اللاحقون، ألم يقل المولى جل جلاله (إنك ميت وإنهم ميتون)، نعم لن يبقى أحد، ذهب الأنبياء والرسل والصحابة والصالحون، ونحن لا محالة لاحقون بهم، طال الزمان أو قصر، ولكن نقول اللهم بواسع رحمتك وعظيم مغفرتك اغفر لعبدك عبدالعزيز الحميدان واجمعنا به في الدرجات العلى من الجنة مع الأنبياء والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، (إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن وإنّا على فراقك لمحزونون)، والحمد لله رب العالمين.

كاتب سعودي