-A +A
رشيد بن حويل البيضاني
كثيرون أولئك الذين لا يعرفون عن حاضرهم في عالم الأدب العربي إلا أنه مجرد انعكاس لمذاهب وتيارات فكرية وأدبية وافدة من الغرب المخالف لنا؛ بيئة وعقيدة وتراثاً وعادات وتقاليد، وربما أسهمت في إرساء هذه الصورة المزورة، وهذا الاعتقاد الخاطئ، كثرة ما يقرأ في كتابات النقاد ومؤرخي الأدب ودارسيه. أصبح بعض أدبائنا وكتابنا بل وبعض مفكرينا، وللأسف مجرد أبواق غربية، تردد -بعد فترة من الزمن- ما درج عليه الغربيون في بلادهم.

وقد يكون لهؤلاء حق في اعتقادهم هذا إلى حدٍ ما، وبخاصة إذا اقتصرت مطالعاتهم على مجموعة بعينها من أدباء العربية.


يقول المستشرق «جب» في وصف هذه الحالة: إن خير ما أسدته الآداب الإسلامية لآداب أوروبا إثراؤها بثقافتها وفكرها العربي في شعراء العصور الوسطى. فقد ظهر تأثر أوروبا بالشعر العربي، ويؤكد «دانتي» أن الشعر الإيطالي ولد في صقلية، حيث كانت للعرب حضارة زاهرة، وظهرت نزعة جديدة في الأدب الأوروبي من خلال شعر «التردبادور» وجعلت كثيراً من الدارسين يؤكدون أن هذه الظاهرة حدثت نتيجة للاقتباس من الأدب العربي الذي امتاز بالرومنتيكية البالغة في أغراضه المتعددة.

وهكذا أخذ شعراء أوروبا من إلهامات الشعر العربي الأندلسي، بل إن الأوروبيين قد اعتنوا بالقافية في شعرهم تأثراً بالعرب.

وعن تأثير النثر العربي، حدث ولا حرج، ويكفينا الاطلاع على الأدب الإسباني لنجده حافلاً بقصص كثيرة من آداب العرب.

لقد استفاد الأوروبيون ونهلوا من محاسن الأدب العربي: شعراً ونثراً، وقامت النهضة الغربية الأدبية في ما يسمى بالعصور المظلمة عندهم، على أسس عربية، كانت ذات أثر بعيد في التقدم الأوروبي الفكري بوجه عام.

إن التأثير والتأثر بين الأمم والشعوب مسألة طبيعية، وسنة من سنن الله في خلقه، فقد خلق سبحانه وتعالى الناس شعوباً وقبائل ليتعارفوا، والتعارف الحق هو ما أنتج تأثيراً وتأثراً بين المتعارفين.

أصبحنا عالة على الغرب، ونسينا أننا كنا خير أمة أخرجت للناس، حين نسينا أو أهملنا الأخذ بأسباب تلك الحرية؛ من إيمان مطلق بالله تعالى، وعمل للصالحات، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر.

فهل يعود الزمان، بل هل نعود نحن إلى ما كنا عليه في زمان مزدهر مشرق بالأمل والعمل وهداية البشرية؟! سبحان مغير الأحوال!!

كاتب سعودي

Dr.rasheed17@gmail.com