-A +A
أسامة يماني
الزواج المؤسسة واللبنة الأولى والأساسية التي يقوم عليها المجتمع. وتعد القوانين المنظمة للأحوال الشخصية من زواج وطلاق ونفقة ونسب وحقوق الزوجين وواجباتهما من أهم القوانين التي تتعلق بالمجتمع.

إن تطور قانون الأحوال الشخصية يدل على المدى الذي وصلت إليه الحقوق المدنية. علماً أن الفقهاء في السابق لم يستخدموا مصطلح الأحوال الشخصية، وإنما كانوا يطلقون اسما خاصا على كل موضوع، ككتاب النكاح وكتاب المهر.. وهكذا. والأحوال الشخصية توازي في المعنى الأحوال المدنية.


تمثل قوانين الأحوال الشخصية أحد أهم المجالات التشريعية بالنسبة لحقوق المرأة، وعلى مكانة المرأة في الأسرة والمجتمع، وعلى إنسانيتها ومواطنتها. تقول أستاذة الفقه المقارن في جامعة الأزهر الدكتورة سعاد صالح: «إن سوء فهم الأحكام الشرعية -السماوية- هو ما جعل من قانون الأحوال الشخصية مدعاة للانتقاد الدائم من قبل المرأة، حيث إنه بني على أساس اجتهادات ذكورية تسعى لتأمين مكاسب ومآرب ضيقة وبعيدة عن جوهر الإسلام الذي لم يبق بنداً أو احتمالاً إلا وعالجه بإنصاف للمرأة».

والحقيقة أن مشروع نظام الأحوال الشخصية الجديد يعد فتحاً وتطويراً جوهريًا، وطفرة نوعية في فهم مقاصد الشرع الحنيف. إلا أن ذلك لا يعني أنه لا يحتاج لكثير من التطوير. وعلى سبيل المثال لقد اشترطت المادة ١٧ الولي للمرأة البكر العاقل الراشد حيث نصت على ترتيب الأولياء للزوجة. ومن المعلوم أن فقهاء الحنفية لا يشترطون الولي للمرأة الراشد العاقل. فالإمام أبوحنيفة يرى أن البالغة الرشيدة لا ولاية لأحدٍ عليها، فلها أن تزوِّج نفسها بأن تباشر عقد نكاحها بكرًا كانت أم ثيبًا، وحَصَرَ الولايةَ الحقيقيةَ في الصغيرةِ غير البالغة، وجعل الولايةَ على البالغة الرشيدة وكالةً وليست ولايةً.

الزواج لا يتم في العادة إلا بقبول الأسرة لهذا الزواج، فلا حاجة لاشتراط الولي لأنه اجتماعياً لا يتم إلا برضاء وقبول من الوالدين لهذا الزواج إن كان عريساً أو عروساً.

لقد أحسن مشروع النظام في اعتماد فحص الحمض النووي في إثبات النسب كما جاء في المادة (٢/‏‏٧١) من مشروع النظام. واعتبار الكفاءة كفاءة الدين. حسب ما نصت عليه المادة (١٤) ١- «كفاءة الرجل للمرأة شرط للزوم عقد الزواج لا لصحته....٢- العبرة في كفاءة الرجل بدينه، ولا يعد بالكفاءة في ما عدا ذلك».

الزحف والتقدم نحو المستقبل لا يصح أن يكون بخطى مرتجفة أو بفكر مشوش أو انعدام الهدف. لذا يجب أن يتماشى أي تعديل في الأنظمة مع روح العصر ومكانة السعودية بين دول العالم المتقدمة.

كاتب سعودي

‏yamani.osama@gmail.com