-A +A
بدر بن سعود
ستستضيف مدينة العلا السعودية قمة الخليج الحادية والأربعين يوم غد الثلاثاء، وقد رحب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بقادة الخليج في بيتهم الثاني، وكان هذا خلال ترؤسه لجلسة مجلس الوزراء الماضية، وألحق الترحيب بأمله في أن تعمل القمة على تعزيز العمل الخليجي المشترك، وأن تفتح مجالات أوسع لتعاون وتكامل خليجي يناسب ظروف المرحلة، ويحقق تطلعات وآمال الخليجيين، وستناقش القمة أمن الخليج، والشراكة الإستراتيجية مع الدول العربية والصديقة، بالإضافة إلى التدخل الإيراني، ودعم الملالي للجماعات الإرهابية.

اختيار العـلا لاستضافة القمة الخليجية يعبر عن توجهات المملكة في المرحلة المقبلة، خصوصاً في مجال الاستثمار السياحي، وفي الإحالة التاريخية لمخرجات التجمع الخليجي، فالمدينة تحتوي على نقوش ومواقع أثرية لحضارات اللحيانيين والأنباط، وفيها مدائن صالح وقلاع تعود إلى العهدين الأموي والعباسي، وطبيعة العلا غير عادية وجبالها الرملية كانت، في معظمها، شعاباً مرجانية ضخمة، قبل أن يغادرها الماء منذ ملايين السنين، وقد مثلت العلا طريقاً لتجارة العالم القديم وللحج في الإسلام وربما مهدت طريقاً للمصالحة الخليجية، ولإعادة الروابط المشتركة بين شركاء الدين والثقافة والتاريخ والجغرافيا.


القمة تعتبر الاستثنائية الخامسة في السجل السعودي للقمم الخليجية، والخامسة عشرة في إجمالي قمم الخليج السعودية بشكليها الاستثنائي والاعتيادي، وتعقد في ظروف حساسة ودقيقة وستستمر ليوم واحد، ويفترض أنها ستناقش قضية إنهاء التمدد الطائفي الإيراني في أكثر من دولة خليجية، ومراجعة الأولويات الجيوسياسية التي قد تفرضهاعودة أمريكا إلى الاتفاق النووي الإيراني، علاوة على الاستثمار في الموقف السلبي لإدارة بايدن الأمريكية من نظام أردوغان، وبما يحول دون تدخله في شؤون الخليج، بالإضافة إلى حل الخلافات الخليجية بالحوار الإيجابي، وبأسلوب البناء على الممكنات لا المستحيلات.

المرجح أن قطر في طريقها لاتفاق مبدئي يحل أزمتها مع الرباعي العربي وأن تعود إلى الإجماع الخليجي كما كانت حتى سنة 1995، وهذه الأمور، في رأيي، ضرورية لإظهار حسن النوايا، وبمناسبة الكلام عن الإجماع، فقد عطل اشتراط الإجماع كثيراً من مشاريع مجلس التعاون وقراراته المهمة، ولو تم استبداله بموافقة الأغلبية لكان أفضل.

أزمة قطرمع الرباعي العـربي محصورة على أطرافهـا، ولا يجـب أن يتناولها غيرهم أو مرتزقة الخليج في المنفى، فهؤلاء هم سبب المشكلة ومصدر كل ما يـروج من أخبار سلبية عن القمة، لأن المصالحة الخليجية ستجعلهم عاطلين عن العمل، وغير مرحب بهم في غالبية الدول العربية والغربية، وبالتالي فمصلحتهم في زيادة الخلافات الخليجية وتعميقها وبقائها مشتعلة، حتى يضمنوا استمرار وصول الحوالات المالية الضخمة لحساباتهم البنكية.