-A +A
ريم بنت عبدالخالق
إن أغلبيتنا واقعون في فخ صفحات التقويم وأسماء الأشهر وأرقام الأيام والتواريخ، مغيبون عن حقيقة أن العمر ما هو إلا اللحظة التي نعيشها الآن، وأن ما مضى مضى بِغض النظر إن كان بدأ بتاريخ كذا، وأن ما تبقى تبقى بِغض النظر إن كان سينتهي في تاريخ كذا.

إنها قضية (كم).. كم سنة.. شهرا.. يوما.. وساعة مضت وكم تبقى لنا؟..


والحصيف من يدرك أن هذه الحقيقة هي السطر الأول في (خطة التغيير)، وأما إن كان من القلة الراضين عن حياتهم فإنها ستكون السطر الأول في (خطة استغلال الموارد المتبقية).. الباقي من العمر والباقي من العافية.

فالعمر والعافية هما الموردان الأوليان الحقيقيان اللذان يمكنك استغلالهما لجني بقية الموارد كالتعليم والعمل والتجارب والخبرات والمغامرة وغيرها، ومن ثم لتصل إلى أهدافك في النجاح وتحقيق الإنجازات المادية أو المعنوية.

إن تلك المعارك التي تستنفد فيها أيامك وقدراتك تستمد وقودها من مصدرين مهمين هما توفيق الله سبحانه وتعالى، واستغلال الفرص بل وخلقها أحياناً.

وقد نواجه الفشل أو الهزيمة ثم يمنحنا الله القدرة لنلملم أشلاءنا ونقف من جديد لنكمل معركتنا في الحياة، ولكن أسوأ ما قد يحدث أن تملك العمر ولا تملك العافية، عافية روحك من اليأس والتسويف وقلة الثقة بالنفس وعافية بدنك من الأسقام.. أن تقف عاجزاً وأنت - فقط - تشاهد كل الأشياء التي تمنيت أن تحياها وهي تفوتك، أن تراها وتتأمل روعتها وكأنك تنظر إليها من خلف لوح زجاجي يحول بينك وبين أن تلمسها أو تدركها أو تكون لك.

تغانم عافيتك أو ما بقي منها..

تغانم ما تبقى من حياتك..

قم إلى أحلامك.. أو بعضها الذي ما زال صالحاً حتى تاريخه.

عِش معاركك بهزائمها وانتصاراتها..

تذوق لذة المجازفة وحارب تخاذلك داخل نفسك قبل أن توجه سهامك لتحارب الظروف حولك..

ولكن.. حارب بشرف.. لتصل بشرف.

وفِي الطريق تعلم أن تتخلى عن كل ما يثقلك، وتنسلخ عما يشدك للوراء أو يكبل خطواتك ويوقف تقدمك فيمضي عمرك وأنت لم تبارح موطئ قدميك.

قم من وقت لآخر بعمل مزاد تتخلص فيه من فائض الأشخاص والعلاقات والأفكار والسلوكيات التي تستهلك أيامك وطاقتك وتهدرها بلا جدوى، واشترِ بالثمن قوتك لتنهض وتعوض ما فاتك.

وحافظ على ثقتك بالله ورجائك فيه، فنحن وما نملك وما نسعى إليه جزء في ملكوته -سبحانه- لن يضره إن أعطانا أو منع عنا.

وكن على يقين أن دعاء والديك هو العصا السحرية التي ستقفز بك خطوات وتزيح عن طريقك عثرات..

واستند بكتفك المائل ليس على يد أحد بل على يد عطائك فما قدمته حتماً سيعود إليك.. واسعِد تسعَد..

فإن وصلت.. فلن يشعر أحد بمثل ما شعرت به من نشوة النصر، لأنك أنت وحدك الذي تعلم ما الذي فقدته حتى تصل.

وإن لم تدرك حلمك.. فقُم وادرك ولو جزءا منه بدلاً من أن ينتهي عمرك وأنت لم تعِش سوى دور المتفرج أو الدور الأسوأ.. دور الشاكي المتحسر على ما فاته.

• إضاءة:

وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي

وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا

وَما اِستَعصى عَلى قَومٍ مَنالٌ

إِذا الإِقدامُ كانَ لَهُم رِكابا

أحمد شوقي

كاتبة سعودية

r.a.k.saudiarabia@gmail.com