-A +A
علي محمد الحازمي
منذ الأزمة المالية العالمية في العام 2007-2008، وأزمة الديون العالمية تلوح في الأفق، أغلب المحللين الماليين والاقتصاديين يرون أن انفجار أزمة الديون العالمية هي مسألة وقت لا أكثر، وخاصة تلك التي تتركز في أوروبا والتي من شأنها أن تزيد الطين بلّة في ضوء اقتصاد عالمي غير مستقر يكافح صبح مساء لتخفيف الآثار المروعة لجائحة فايروس كورونا، ومن المؤكد أنه في حال حدوث أزمة ديون سيادية تعقب هذه الجائحة أو تترافق معها من شأنها أن تطيل وتعمق أسوأ انكماش اقتصادي منذ الكساد الكبير في الثلاثينيات.

الجميع يتذكر العام 2009 إلى 2011 كيف تعثرت القارة العجوز في أول أزمة ديون سيادية، كافحت فيها الدول الأضعف في الاتحاد الأوروبي (اليونان وإيطاليا والبرتغال وإسبانيا وأيرلندا) لتفادي التخلف عن سداد ديونها السيادية الضخمة، ومنذ ذلك التاريخ يلاحظ أن نمو كل من العجز والديون يسيران في علاقة طردية في تلك الدول.


لم تكن الحلول التي طرحت في ذلك الوقت جذرية، ولكن كانت عبارة عن ملطفات للخروج بأقل الخسائر على مستوى الدول المقرضة، لذلك حصلت البلدان المقترضة، بشكل مفرط، على إعفاء من الديون من البنك المركزي الأوروبي، الذي كان يضمن سنداتها بشكل قوي، بشرط أن تقلص الدول المقترضة من عجزها عن طريق تخفيف اعتمادها على البنك المركزي الأوروبي للحصول على الائتمان لبعض الوقت، وهذا الإجراء بدوره زاد من وتيرة الثقة بين المقرضين والمقترضين، لكن هذه الصفقة كانت هشة، والسبب أن هذه الصفقة كانت تعتمد وتراهن على النمو الاقتصادي للبلدان المقترضة، مما يمكنها من الخروج من أزمة تلك الديون، ولكن وصول هذه الجائحة لم يكن في الحسبان حيث اختفى ذلك النمو.

المشكلة الكبيرة التي تعاني منها القارة العجوز، هي أن الحلول بدأت تنفد وعمليات الإنقاذ ستكون مكلفة، لأنّ مبالغ الإنقاذ حتماً ستكون تريليونية، وقد شاهدنا مؤخراً صدور حُكم من المحكمة الدستورية الألمانية قد يمنع أكبر اقتصاد في أوروبا، وهو ألمانيا، من المشاركة في أي عملية إنقاذ، الأمر الذي ربما قد يحرض بعض الدول الأوروبية لانتهاج نفس النهج الألماني.

كاتب سعودي

Alhazmi_A@