-A +A
حمود أبو طالب
لا حديث في وسائل الإعلام العالمية خلال اليومين الماضيين أبرز من حادثة اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة، وذلك للتوقيت والظروف والملابسات التي تحيط بالحادثة داخل إيران وخارجها، خصوصاً سخونة الحديث مجدداً عن ملف البرنامج النووي الإيراني مع فوز الديموقراطي جو بايدن في الانتخابات الأمريكية، وتبني الإدارة الديموقراطية السابقة في عهد أوباما للاتفاق النووي الإيراني، والتوتر غير المسبوق بين الرئيس ترمب الذي ما زال رئيساً والمعسكر الديموقراطي بشأن الانتخابات الأخيرة.

ولكن في كل الأحوال، فإن محسن زادة دفع حياته ثمناً لأنه ينتمي لدولة وضعت نفسها في مهب عواصف شديدة بسبب سياساتها وطموحاتها وخلافاتها المتشعبة وصدامها مع قوى كبرى بشكل يفوق قدراتها على التحدي والمواجهة، سياسة رعناء تتكئ على الآيديولوجيا وتفتقر إلى الواقعية في التفكير والتطبيق والتعامل مع الدول، سياسة تركت أشياء أهم وأنفع لمواطنيها ودخلت في أوهام مزمنة أن باستطاعتها امتلاك سلاح نوعي يخدم مشروعها التوسعي وبسط النفوذ خارج حدودها ومقارعة الدول الكبرى بامتلاك ما هو غير مسموح لها امتلاكه.


السذاجة السياسية للنظام الإيراني جعلته يعتقد أنه سيمضي بعيداً في تطوير مشروعه النووي العسكري بأمان، وأن الاتفاق النووي كان تسليماً باستطاعته تحقيق ذلك، متناسياً أن هناك حدوداً لا يمكن تجاوزها مهما هادنه الغرب وتغافلت عنه أمريكا، إنه الغرب الذي يصنع موازين القوى وبإمكانه إشعال الصراعات وبيع الأسلحة التقليدية المتطورة بل والسماح بالمشاركة في تصنيعها وامتلاكها ولكن عند هذا الحد يجب أن تتوقف الأمور، وليس مسموحاً بتجاوز الخطوط الحمراء.

طبعاً لن يحدث شيء من التهديدات التي أطلقتها إيران بعد اغتيال محسن زادة، فقد تعود العالم عليها ويعرف كذبها، وسوف تستمر إيران في خنق نفسها وتأزيم علاقاتها وتدمير اقتصادها وقهر شعبها في سبيل مشروع لن يتحقق.

habutalib@hotmail.com