-A +A
طارق الحميد
ما انفكت وسائل إعلام التحريض والتأليب، ومن ضمنها إعلام حزب الله، عن تغطية وتحليل السلام الإماراتي البحريني السوداني الإسرائيلي خبريا، وتقديم معلومات مغلوطة عنه، لكن عندما جاء وقت التفاوض اللبناني الإسرائيلي لترسيم الحدود البحرية ابتلعت وسائل الإعلام تلك لسانها، وصمتت.

ولم تصمت وسائل إعلام حزب الله وحسب، بل إن عناصر الحزب الأمنية منعت الفرق الإعلامية اللبنانية من صحافيين ومصورين، من التصوير والتغطية الصحافية، وطلبت منهم مغادرة مقر المفاوضات اللبنانية الإسرائيلية في الناقورة اللبنانية.


وعلى ضوء ذلك كتبت منال عبد الصمد، وزيرة الإعلام اللبنانية في حكومة تصريف الأعمال، على تويتر: «اليوم تعرّض فريق من -تلفزيون لبنان- للاعتداء خلال تغطيته الصحافية لموضوع ترسيم الحدود في الناقورة. ما حصل أمر مُستنكر ويستدعي تدخّل الأجهزة الأمنية المعنيّة لحفظ أمن الإعلاميين وكرامة المهنة».

والحقيقة أن المطلوب ليس فقط حماية كرامة الإعلاميين والمهنة، بل أولا حماية كرامة لبنان الدولة، واحترام عقول الناس، في كل المنطقة التي شبعت تزييفا للحقائق، وشبعت أكاذيب أوصلت منطقتنا إلى ما وصلت إليه اليوم من تقويض دول، وقتل بشر، وضياع فرص.

إعلام المقاومة والممانعة الكذاب، من حزب الله وإيران وإعلام النظام الأسدي القاتل، ومعهم الإعلام التركي، والإعلام القطري المحرض، إعلام الشقاق والنفاق، يؤلبون أبناء المنطقة على دولهم وحكامهم، ويحرضون كل المنطقة على تجنب العقل وتصديق الأكاذيب والأوهام.

ويتجلى ذلك عندما يفاوض لبنان إسرائيل من أجل ترسيم الحدود البحرية فيقوم حزب الله بحماية تلك المفاوضات، وليس هذا وحسب، بل ويمنع أخبارها ولا يناقشها ولا يحللها، ويسعى إلى تضليل اللبنانيين، والرأي العام العربي.

محاولة إعلام حزب الله الإرهابي، ومعه باقي منظومة إعلام الأكاذيب والتضليل، لتجاهل المفاوضات الحدودية البحرية بين إسرائيل ولبنان مثلها مثل طفل يغلق عينيه معتقدا أن ليس بمقدور الآخرين رؤيته.

ولذا صدقت الإعلامية، والوزيرة السابقة اللبنانية مي شدياق عندما قالت بأن حزب الله هو: «دولة اللا دولة. دولة قمع الإعلام والتعتيم». ومتسائلة: «يا ترى مم أنتم خائفون؟». والحقيقة هم ليسوا خائفين ولكنهم يتصرفون على طبيعتهم مثلهم مثل تجار الأزمات، والدم، والدمار، وتجار الدين.

ودعك عن الإعلام المغرض، وانظر للساسة مثلا، من لبنان وحتى إيران، مرورا بنظام مجرم دمشق بشار الأسد، حيث لا تعليق على المفاوضات اللبنانية الإسرائيلية، وكأنها لم تكن، بينما يتجرأ وزير خارجية إيران على التنديد والتحريض بالإمارات، والبحرين، والسودان.

تأمل الصمت الفلسطيني من رجال الرئيس محمود عباس، إلى قيادات حماس، والجهاد الإسلامي، ومثلهم تركيا أردوغان، فالجميع في صمت مطبق، وكأن عدم حديثهم، أو تغطية قنواتهم للمفاوضات اللبنانية الإسرائيلية يعني أنها لم تحدث!

كاتب سعودي

tariq@al-homayed.com