-A +A
بدر بن سعود
في أكتوبر القادم ستعقد المملكة قمة عالمية عن الذكاء الاصطناعي، وستدرس تأسيس منظومة فاعلة ومؤثرة لذكاء الآلة وعلاقته بالحكومات وحوكمته ومستقبله، بالإضافة لتطويره بطريقة آمنة وأخلاقية، وهذا التجمع الافتراضي الذي ستديره الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، ويرعاه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، يتوافق واهتمامات الرؤية بدمج الذكاء الاصطنـاعي في الاقتصاد الوطني، وإيصاله إلى قيمة سوقية تقارب 134 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي، والذكاء الاصطناعي يمثل قيمة جيوسياسية تعادل النووي في الألفية الثالثة، وسيضيف 16 ترليون دولار إلى الناتج الإجمالي العالمي بعد عشر سنوات.

قال الرئيس الروسي بوتين بأن من سيتحكم في الذكاء الاصطناعي سيحكم العالم، وأمريكا والصين وروسيا وفرنسا وكوريا الجنوبية تستثمر فيه بقوة، وتحاول الصين تحقيق الريادة العالمية في الذكاء الاصطناعي بحلول سنة 2030، وقد خصصت لهذا الهدف ما قيمته 150 مليار دولار، والدولة الصينية تساعد مجموعة من الدول في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية على بناء أنظمة ذكية، وتقدم لها تسهيلات وقروضا ميسرة، وبشكل يجعل هذه البلدان أكثر اعتمادا عليها في المستقبل، وبالتالي أكثر استجابة لخدمة مصالحها الإستراتيجية.


تقنيات الذكاء الاصطناعي استخدمت بشكل كبير في جائحة كورونا، ولولاها لما أمكن التضييق على الوباء وإبقاؤه في حدوده الدنيا، وتوجد أنظمة ذكية تصنف البيانات المتوفرة على غوغل وفي المنصات الاجتماعية، ومن ثم توظفها في توقع حدوث الظواهـر الاجتماعية قبل 8 أيـام من وقوعها، وبدقة تصل إلى 94%، ومن أمثلتهـا نظام إمبيرز، وهناك تقنية جي بي تي 3، التي تمثل الجيل الثالث من نموذج تعلم الآلة التلقائي من خلال المعايشة، والتي تستعين بأرشيف بيانات يحتوي على تريليون كلمة، وبما يمكنها من كتابة نصوص شعرية ونثرية بطريقة مطابقة لما يكتبه الإنسان.

الحروب القادمة ستكون معرفية بالدرجة الأولى، وستستعين بالأنظمة الخبيرة المرتبطة بقواعد بيانات ضخمة، وستتفوق في قدرتها التحليلية وفي جودة استنتاجاتها وحلولها على الخبراء الآدميين، وستساعد صانع القرار في تحديد القرار الأنسب لموضوعه أو مشكلته.

ذكاء الآلة مستخدم في أكثر من 176 دولة أو ما يساوي 85% من سكان الأرض، وهذه الاستخدامات قد تنحرف عن مسارها، وتوظف لأغراض التضليل أو الاحتيال أو الانتقام السياسي أو الشخصي، كما هو الحال في تقنية ديب فايك أو التزييف العميق، التي تمكن مستخدمها من إنتاج مقاطع فيديو خارجة أو تصريحات ملفقة لشخصيات عامة، والقمة تكلمت في أجندتها عن التطوير الآمن والأخلاقي وهو يبدأ، في رأيي، من تجريم إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي، وتوفير برامح حماية ضده للاستخدام العام، مع التركيز على الاستثمار في تطبيقاته التي تسهم في تحسين حياة الناس ودعم اقتصاد الدولة.

BaderbinSaud@