-A +A
فهيم الحامد
مع دخول شهر ذي الحجة، وضعت المنظومة المعنية الترتيبات النهائية لموسم الحج «الصحي الآمن» بأعداد محدودة جداً؛ بسبب تفشي وباء كورونا، وفق الاحترازات الصحية الوقائية وهو المحور الأساسي في خطة موسم حج هذا العام تحت شعار «بسلام آمنين» الذي عكسته الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي في شعارها إلى جانب شعار (معاً محترزون.. جميعاً حذرون)، إذ وضعت الرئاسة خطة محكمة بمسارات واضحة ومحددة المعالم مبنية على التباعد والاحتراز والتكيف والتركيز والتعقيم والتطهير، كما أوضح الشيخ عبدالرحمن السديس الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي في المؤتمر الصحفي الافتراضي الذي عقده مطلع الأسبوع لإطلاق خطة موسم الحج في المسجد الحرام بحضور وكلاء الرئيس أحمد المنصوري والدكتور سعد المحيميد.. ولم يكن حديث الشيخ الجليل السديس مؤثراً وصادقاً فحسب عندما قال «إنه لا يوجد بقعة في العالم أكثر تعقيماً وتطهيراً وطهارة من الحرمين الشريفين، وهذا حتماً يعكس حرص القيادة السعودية في الحفاظ على سلامة وطهارة المسجد الحرام والمسجد النبوي».

والمملكة عندما أعلنت تنظيم الحج في هذا الموسم وضعت في اعتبارها أن الحج شعيرة إسلامية يجب أن تستمر ما دامت السماوات والأرض، ورغم تفشي الوباء إلا أنها حرصت على عدم سقوط شعيرة الحج الذي يعتبر الركن الخامس للإسلام، خصوصاً أن لدى المملكة خبرات متراكمة تجاوزت 80 عاماً في خدمة الحج والحجاج وإدارة الحشود، كما أوضح الشيخ الجليل عبدالرحمن السديس، إذ وضعت المملكة سلامة وأمن وأمان الحج أولوية قصوى في اهتماماتها: بهذا الإجراء الموفق حفظت شعيرتين إسلاميتين في غاية الأهمية؛ أولاهما إقامة الشعيرة والركن الخامس من الإسلام، وثانيهما حفظ النفس البشرية التي جاء الإسلام بحفظ حقوقها وصيانتها، وهذا ما أكده الشيخ عبدالرحمن السديس، الذي يعكس حرص القيادة على تنظيم حج صحي آمن، استثنائي في ظل هذه الظرف الذي عصف بالعالم أجمع.. وحرصت رئاسة الحرمين في خطتها لهذا العام على تكثيف عمليات التعقيم والتطهير لتصل إلى 10 مرات في اليوم والليلة، مجندة 3.500 عامل على مدار الساعة.


وكون خطبة عرفات تعتبر من الخطب المهمة للعالم الإسلامي، فإن الرئاسة أتمت استعداداتها لترجمة خطبة يوم عرفة إلى 10 لغات وبثها عبر المنصات الإلكترونية بطاقة استيعابية تصل إلى 50 مليون مستخدم، وسيستمر بثها بشكل مباشر على قناة القرآن الكريم باللغة الإنجليزية، وعلى قناة السنة النبوية باللغة الفرنسة.

لقد سادت حالة من الارتياح أوساط ملايين المسلمين في أرجاء المعمورة بعد القرار الذي اتخذته المملكة بتقليص أعداد المشاركين في حج هذا العام، وقصره على الموجودين في السعودية من مختلف الجنسيات، جراء المخاوف من تفشي فايروس كورونا.

والتحرك السعودي جاء في إطار سلسلة من القرارات الصعبة والمؤلمة التي اتخذتها المملكة في مرحلة تفشي الجائحة، إلا أن جميع هذه القرارات كانت مدروسة بعمق كونها قرارات استراتيجية، وجاء الإجماع العالمي والإسلامي على القرار السعودي كتأييد لهذه الخطوة مع استمرار تفشي جائحة فايروس كورونا في العالم، وعدم توفر دواء أو لقاح للمصابين بالفايروس، كون القرار تم اتخاذه من منطلق الأخذ بالأسباب الشرعية والحفاظ على النفس البشرية للحفاظ على صحة وسلامة حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين.

وليس هناك شك أن المملكة مرت خلال الأشهر الأربعة الماضية بتحولات ومتغيرات وتحديات غير مسبوقة، بسبب أزمة كورونا التي اجتاحت العالم، وأدت لإعادة تموضع كامل للعديد من السياسات الاقتصادية والتجارية، وحتى المجتمعية. وكون المملكة جزءاً من المنظومة العالمية، اتخذت سلسلة من القرارات المؤلمة لمصلحة الإنسان مواطناً، أو مقيماً، أو مخالفاً للإقامة.. وكانت أنظار العالم منصبة خلال الشهر الماضي لمعرفة القرار الذي ستتخذه المملكة، كون الحج جاء في ذروة جائحة فايروس كورونا وصعوبة التنقل بين دول العالم، اتخذت الدولة قراراً صائباً ليكون الحج محدوداً وفق احترازات صحية صارمة لضمان أن يؤدي الحجاج الحج بالتباعد والتحوط.. بسلام آمنين.. «معاً محترزون».. بإذن الله.