-A +A
بشرى فيصل السباعي
إلحاقا بالمقال السابق عن دور نظريات المؤامرة باستمرار وباء كورونا لزعمها أن الوباء تمثيلية الغاية منها فرض قوى شريرة خفية سيطرتها على العالم، فلمعرفة أصل نظريات المؤامرة يجب التفريق بين نوعين منها؛ الأول: النوع التراثي المتولد عن «غرور الأنا» الجماعي الذي يوهم أصحابه بأن لهم أهمية استثنائية والعالم يتآمر ضدهم باعتبارهم قوى الخير الوحيدة وكل من عداهم قوى شر، وهذه توجد بجميع الأمم، أما النوع الآخر من نظريات المؤامرة والذي يساهم باستمرار وباء كورونا فهو نتج بالأصل عن المسلسل الأمريكي الأشهر «The X-Files- الملفات الغامضة» وهو عن رجل مباحث يكشف مؤامرات الحكومة على الشعب، وفيلم «The Matrix-مايتركس/ ‏المصفوفة/‏ القالب» وقصته؛ اكتشاف أن أهل العالم يعيشون بواقع افتراضي مبرمج لاستعبادهم، فقبل المسلسل لم تظهر دعوة واحدة تعادي التطعيمات لكن بعد أن ورد بالمسلسل أن التطعيمات مؤامرة لإبادة البشر انتشرت حركات معاداة التطعيمات وتسببت بقتل وإعاقة آلاف الأطفال بأمريكا وباكستان وافغانستان ونيجيريا واليمن بعد أن أفتت الجماعات الإرهابية بتحريم التطعيمات لتصديقها نظريات المؤامرة، وتقول نظريات المؤامرة الخرافية إن غاية «فبركة» كورونا فرض تطعيم يكون بمثابة ختم الدجال، حيث بالإنجيل والتراث الإسلامي نبوءة بأن الدجال سيضع ختماً على أتباعه ولذا وإن تم التوصل لتطعيم ضد كورونا فكثيرون سيرفضونه بسبب نظريات المؤامرة! أما فيلم ماتريكس فكان أثره جذرياً بأمريكا لدرجة أنه باتت من أسرع العقائد انتشاراً بين الشباب العقيدة «الغنوصية» المنقرضة بخاصة بعد اكتشاف «مخطوطات نجع حمادي» و«البحر الميت» الغنوصية، وصار لها برامج بأكبر القنوات الأمريكية المحترمة كقناة

«History- التاريخ» العريقة وبرنامجيها «Ancient Civilizations وAncient Aliens» وأعادت إحياء الغنوصية التي تقول إن الأديان الرسمية والعالم المادي ماتريكس لكائنات شريرة، وهناك قنوات كاملة بأمريكا تخصصت بنظرية الماتريكس كقناة «Gaia»، هذا غير مئات القنوات بيوتيوب، وكلها تعتبر؛ المسلمات العلمية ككروية الأرض، والأحداث التاريخية كالهبوط على القمر، ومساعي الهيئات الرسمية كمنظمة الصحة العالمية والتطعيمات، وأخبار القنوات المحترمة مثل «CNN -سي إن إن» كلها مفبركة/‏ زائفة/‏ Fake ومؤامرة وجزء من ماتريكس الاستعباد و«نظام الدجال»، ولذا كانت أقوى رافد للتيار اليميني العنصري وتعتبره المنقذ من الماتريكس، وهناك كويتي يزعم أنه يحمل شهادة بعلم النفس وله برامج تلفزيونية ودورات ينشر نظرية الماتريكس بهذا المسمى ويزعم أن كورونا تمثيلية ومؤامرة ويدعو لمنع إعطاء الأطفال التطعيمات وينشر صور تجمعات لأتباعه متلاصقين لإثبات أن كورونا غير حقيقي. والأجيال الجديدة تعيش داخل الواقع الافتراضي للإنترنت وما عادت تميزه عن الواقع الحقيقي.


كاتبة سعودية

bushra.sbe@gmail.com