-A +A
حسين شبكشي
منذ بدايات الخلق كان الموت أكبر الألغاز التي واجهت الإنسان وعجز عن تفسيرها. فروح تكون بيننا اليوم وتغيب عنا في لحظة. الموت حق بل أضيف أنه الحقيقة الوحيدة في الحياة. وقال الله تعالى «أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة». في الأيام الأخيرة اقترب الموت منا (ولا يزال الخطر قائما) بسبب تفشي جائحة كوفيد 19 وارتفاع أعداد المصابين والوفيات حول العالم، ومن ضمنهم ناس نعرفهم شخصيا. إنه وقت حزين حقا. وفي ظل هذه الظروف العصيبة يصلني خبر وفاة صديق شخصي، وهو المهندس المعماري المميز غسان عطار بعد صراع طويل ومرير جدا مع مرض السرطان الذي تمكن منه. كان غسان عطار نموذجا للشخص المتعايش بسلام عميق مع النفس، ابتسامته لا تغيب وروحه الإيجابية المتفائلة تبث فتصيب من حولها، مؤمناً بشكل مدهش بأمر الله وراضياً بقضائه وقدره. كان مدرسة في الصبر والمثال العملي للعمل والإنتاج حتى آخر لحظة. نجح وبرع وتميز في أعماله حتى برع كأهم المعماريين، وتصاميمه داخل وخارج السعودية ستبقى خالدة وشاهدة على إبداعاته وتميزه. كان ابناً باراً وسوياً وأخاً مثالياً وزوجاً رائعاً وأباً حنوناً وكريماً ومعطاءً وصديقاً وفياً وأصيلاً ونبيلاً. يخطف الموت منا الناس الجميلة أولاً، لتبقى بيننا ذكراهم العطرة تؤنس وحشة غيابهم عنا. تأثر غسان عطار في مسيرته بأهم المدارس المعمارية، وأعجب بتجارب الفرنسيين والإيطاليين والإسبان والأمريكان حتى اعتمد لنفسه الخط الذي ميزه وبات بصمته المميزة. لم تغيره النجاحات ولا الأزمات ولا المحن، بقي هو كما عرفته لم تغب ابتسامته ولم يغب كصديق وإن طالت مدد الغياب بسبب المشاغل والمرض حتى جاء الموعد الذي لا يؤجل وحل معه الغياب الكبير والأخير. حالة من الحزن العميق انتابت محيط معارفه بعد سماع خبر وفاته المؤلم وإذا لم تسمح الظروف الحالية القهرية بالمشاركة في مراسم الصلاة والجنازة والدفن فقد حفتك قلوب من أحبوك إلى مثواك الأخير وهم يدعون لك بالرحمة والمغفرة والفردوس الأعلى من جنات النعيم. رحمك الله يا صديقي العزيز رحمة واسعة وأسال الله أن يلهم زوجتك وأولادك وإخوتك الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون.

كاتب سعودي


hashobokshi@gmail.com