-A +A
عبده خال
التأبين أحد المنغصات في حياتنا.

فكلما سقط منك عزيز لجأت الى التأبين لتسد فجوة سقطت من عمارتك الذاتية.


كل الراحلين لبنات هوت من ذواتنا، فلا نجد سوى إفراط الحزن على ما فقدنا.

كيف يمضي الزمن بهذه السرعة؟

وكلما تقدم للأمام وقطف منا نفساً، استشعرنا بقرب الدور..

جرار الفخار صنعت ومهما تم استخدامها يوماً ما سوف تكسر، والكسر أن لا تكون في حالتك الطبيعية، وفقد الحالة تصبح كسرة كان يقال عنها أنها آنية!

كلنا أوانٍ لا نزال في حالة استعمال من قبلنا ومن قبل الآخرين إلا أننا سنغدو كسرا لا يجمع بيننا إلا الكسر!

الكسر ليس له عمر، تكسر آنية وهي بين يدي صانع الفخار وقد تعمر لتصبح موروثا أو أداة استدلال أثري، ومهما عبرتنا الأيام سنكسر!

لذا لا أكره شيئاً محدداً سوى التأبين، أهرب منه كالفرار من مواجهة حيوان مفترس، غالبا لا أعزي أحداً في فقيد، فلغة العزاء لغة ميتة، فكيف أعزي ميتا بميت؟

أناس أعرفهم وأحبهم كثيرا إذا مات أحدهم لا أقوم بتعزية ذويهم، ولو فعلت -سأسعى على أن لا أفعل- يكون عزائي كلمات سريعة مستهلكة وألوم نفسي، كيف تتجرأ أن تنهي حياة بكلمات مستهلكة، وهروبي من العزاء هو محافظة على إبقاء المفقود حيا في داخلي، وأروي هذا الخاطر بأن المفقود ضاع في مسارات الحياة وسوف أجده ذات يوم لنتذكر ما فعلنا في حياتنا.

ويمكن إلغاء الفقد ببقاء من نحب في داخلنا ونروي حضوره الداخلي بالسلام عليه كلما خطر بالبال.

أحبابنا هم ذواتنا، فكيف نقطع ذواتنا باليقين أننا فقدناهم، أو طمرنا عليهم الأتربة؟

الحياة أن تكون باقيا بمن تحب، أما الموت فهو أن تدفن من تحب.

يقول ابن عربي: ماء الحياة هو العشق!

فكيف يمكن أن تحيا من غير ماء، ابقوا عشقكم لمن تحبون فهم الماء..

والماء مهما غار سيظل ماء.

كاتب سعودي

abdookhal2@yahoo.com