-A +A
عبدالكريم الحميد
في السابع عشر من رمضان الجاري، أكملت وزارة الثقافة عامها الثاني منذ صدور الأمر الملكي بفصلها عن وزارة الإعلام، واستقلالها، وتعيين صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود كأول وزير للثقافة في تاريخ المملكة، ما يعكس اهتمام الدولة بالاستثمار في الثقافة كقوة ناعمة وفق رؤية المملكة 2030، إضافةً إلى كونها مصدراً اقتصادياً يضخُّ في الناتج المحلي بحلول عام 2030 بما يقارب الـ3%.

منذ هذه اللحظة الحاسمة، شمَّرت الوزارة الشابة عن ساعدها، وبدأت مرحلة التأسيس من الصفر، حيث عقدت لقاءات مكثفة وورش عمل متخصصة مع أكثر من 300 مثقف، ودرست واقع الثقافة في نحو 20 دولة لإجراء المقارنة المعيارية، إضافةً إلى استشارة أكثر من 50 من الخبراء الدوليين للأخذ بأفضل الممارسات، كما درست الوزارة أكثر من 250 مستنداً ومادة إعلامية، وأجرت استفتاء شارك فيه آلاف من المواطنين والمقيمين لفهم التطلعات والتحديات، فأثمرت هذه الجهود عن استراتيجية واضحة لخدمة القطاع الثقافي في المملكة، بما يحقق الأهداف المرجوة من تأسيس وزارة تعنى بتنمية القطاع الثقافي والنهوض به. وقد استطاعت الوزارة، في أقل من عام، أن تدشن رؤيتها وتوجهاتها في حفل أقيم يوم 27 من مارس لعام 2019م.


ومنذ تدشين وثيقة رؤيتها وتوجهاتها، لم تتوانَ وزارة الثقافة عن تقديم مبادرات وفعاليات نوعية تمهد الطريق أمام قطاع ثقافي فاعل ومؤثر، ينتظره إرث ثقيل امتد لعقود طويلة، فكانت البداية مع تعريف الثقافة، حيث اعتمدت الوزارة تعريف منظمة اليونيسكو محوراً أساسياً، استهدفت من خلاله 16 قطاعاً ثقافياً أثمرت عن تأسيس 11 هيئة متخصصة وفق دراسات مستفيضة مع المختصين في القطاعات المحددة.

لم تألُ وزارة الثقافة جهداً، وشرعت في وضع وتطوير الأنظمة والسياسات، بالعمل والتكامل مع كافة القطاعات المعنية، إيماناً منها بأهمية الشراكة الفاعلة مع القطاع الحكومي والخاص وغير الربحي، وتطلب ذلك، زيادة وتيرة العمل ومضاعفة الجهود، لتحقيق رؤية يتم ترجمتها إلى مؤشرات أداء، فنفذت حوالى 40 فعالية متنوعة، إضافةً إلى تدريب نحو 60 متدرباً في أعرق الجامعات في مجال صناعة الأفلام، وتقديم الدعم المادي واللوجستي لأكثر من 20 فيلماً سعودياً، كما شاركت في 17 محفلاً دولياً، تنوعت بين حضور منتديات ومؤتمرات ولجان متخصصة.

*ولأن أمير الثقافة، يؤمن إيماناً شديداً بالتعليم، بعبارته الشهيرة «التعليم أولاً.. التعليم أخيراً»، فقد كانت له اليد الطولى في إحياء الفنون مجدداً، حيث عملت الوزارة على اتفاقيات مع الجهات ذات العلاقة لتعزيز البرامج التعليمية والأنشطة الثقافية في قطاع التعليم، وخلق مسارات عملية للثقافة والفنون، كما شرعت في تأسيس أكاديميات تعليمية في الحرف والفنون التقليدية وغيرها من الفنون التي كانت في فترة من الزمن، فائضاً لا يُلتفت إليه.*

ومع مرور عامين، حققت الوزارة نجاحاً باهراً، بأن فتحت مفاهيم الثقافة على مصراعيها، سعياً للمحافظة على تراث المملكة بكافة أنواعه، وتنمية المساهمة السعودية في الفنون والثقافة، وتعزيز قيم الوسطية والتسامح وغيرها من الأهداف المباشرة وغير المباشرة المتعلقة برؤية المملكة 2030، حيث عملت الوزارة على توحيد الرؤية الثقافية للمملكة نحو أهداف مستدامة تخدم القطاع الثقافي وتلبي احتياجاته، بضم مهرجانات كبيرة مثل الجنادرية إلى مظلتها، كما أخذت على عاتقها تطوير جدة التاريخية إضافة إلى استلام ملف التراث الوطني من هيئة السياحة سابقاً (وزارة السياحة حالياً).

وعلى الصعيد الدولي، استردت المملكة مكانتها الثقافية بالعودة إلى المجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو، وأعلنت التبرّع بنحو ٢٥ مليون دولار لخدمة أهدافها والتزاماتها الثقافية، ما يعزز حضور المملكة دولياً، إضافة إلى الانضمام إلى منظمة ألف لحماية التراث الإنساني، ما يبني الجسور الثقافية مع الأمم.

ومع الذكرى الثانية لتأسيس وزارة الثقافة، أشعر بفخرٍ واعتزازٍ كبيرين، يشاركني فيهما زملائي وزميلاتي من منسوبي الوزارة، حيث أتيحت لنا فرصة عظيمة بالمشاركة في المسيرة الطموحة التي نرى فيها وزارتنا تنمو وتزدهر وفق رؤية وتوجهات واضحة ومحددة المعالم، بقيادة أميرها ووزيرها الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، الذي غرس في نفوس العاملين في منظومة الثقافة منذ اليوم الأول، أن الإنجاز لا ينتظر أحداً، إما نكون أو لا نكون.

* المتحدث الرسمي لوزارة الثقافة

SpokespersonMoC@