-A +A
طارق الحميد
نشرت صحيفة الشرق الأوسط، السبت الماضي، قصتين متعلقتين بسوريا، وفي عنوانيهما تكمن المفارقة. الأولى بعنوان: «دمشق تحذر بوتين من غضب الأسد»، وذلك على إثر مقال لعضو مجلس الشعب خالد عبود بعنوان: «ماذا لو غضب الأسد من بوتين؟».

والقصة الثانية للصحيفة جاءت بعنوان: «خلاف بين دمشق وطهران حول مواصلة عزل (السيدة زينب)»! والسؤال هنا هو هل يستطيع بشار الأسد جديا تحذير الرئيس الروسي بوتين، ناهيك عن التلويح له بالغضب، بينما الأسد، ونظامه، لا يملكون قرار تمديد عزل منطقة (السيدة زينب) بسبب فايروس كورونا وسط رفض المليشيات الإيرانية التي تحاول فك العزلة عن المنطقة، لدرجة أن المليشيات الإيرانية قامت بطرد شرطة النظام من بعض المناطق، بحسب الشرق الأوسط.


أمر لا يستقيم، لكن ما معنى ذلك؟ وهل كتُب مقال النائب، أو أوعز له؟ ذات مرة أوصاني إعلامي على اسم مستعار لأحد من يكتبون ببريد القراء الإلكتروني بصحيفة الشرق الأوسط! سألته باستغراب، لماذا؟ قال إن بشار الأسد يكتب تحت ذاك الاسم!

وعليه فلا يستبعد أن يكون الأسد نفسه من كتب المقال، ولعدة أسباب، منها حفظ ماء الوجه بعد الانتقادات الروسية المتكررة له، وربما لصرف الأنظار عن الخلافات الأسرية- المالية بين الأسد وابن خاله رامي مخلوف.

وهذه ليست كل القصة، اليوم الأزمة السورية بمفترق طرق، حيث تزايد ضعف سوريا بعد الحرب، وازدادت خطورة الانتشار على أراضيها بسبب فايروس كورونا، وبوقت تسعى إيران فيه لتخفيف أعباء العقوبات الأمريكية، ومواجهة التصعيد مع واشنطن، والمتغيرات بالعراق، بينما لا تستطيع روسيا مواصلة الدفاع عن الأسد هكذا وسط أسعار النفط المتأرجحة، ودون سقف سياسي واضح، وخطة خروج.

واقع الأزمة السورية يقول إن ليس بمقدور الإيرانيين المواصلة هكذا بشيك مفتوح، وكذلك روسيا، ولا رغبة أمريكية للتوغل، أو تغيير المواقف بسوريا، ولا رغبة خليجية لتبييض صفحة الأسد، ولا مقدرة تركية على تغيير الواقع هناك، وهذا هو سقف الأتراك، وبالتالي فإن العقدة هي الأسد، والحل هو رحيله.

والواضح أن الأسد يستشعر ذلك، لكنه لم يستوعبه لأنه لا يزال يحاول مواصلة المراوغة التي أتقنها منذ وصوله للحكم، لكن دون أن يستوعب بأن الجميع بات يدرك ما يخفيه في القبعة السياسية التي حفظها الجميع عن ظهر قلب بسبب كثرة المشاهدة، ولدرجة الملل.

الجميع يدرك ضعف الأسد، باستثناء الأسد نفسه، وما نحن أمامه الآن، بسبب الصراع المالي الأسري، ليس قصة حافظ ورفعت الأسد، ولا نحن أمام مفاوضات طرف فيها الأسد، وإنما هي الظروف السياسية- الاقتصادية التي من شأنها أن تعجل الاتفاق الروسي- الإيراني بأنه حان وقت رحيل الأسد.

* كاتب سعودي

tariq@al-homayed.com