-A +A
منى المالكي
الدراما السعودية تعيش مأزقا حقيقيا، وللأسف ما زلنا نشهد ذات الأفكار المملة والأداء السيئ والإخراج الرديء الذي لم يعِ المرحلة التي نعيشها ولم يتجاوز مرحلة «أصابع الزمن»، بل وزاد على تلك المرحلة بالاستعانة بمشاهير التواصل الاجتماعي أولئك الذين اعتمدوا التفاهة عنواناً لهم!

ومن محاسن الصدف الخطوة الرائدة لوزارة الإعلام بافتتاح قناة «ذكريات» التي أتاحت لي مقارنة الدراما السعودية بين مرحلتين: مرحلة البدايات ومرحلتنا الحالية، فبدأت وأنا متحمسة وللأسف وصلت إلى أن أردد «كنت أظن وكنت أظن وخاب ظني»! ولهذا أسبابه ومعطياته الكثيرة.


وهذا لا يقلل أبداً من شأن مسلسل «أصابع الزمن» الذي أجد الفرصة للإشادة بالفنان السعودي الكبير محمد حمزة الذي استطاع وفي الزمن الصعب والإمكانيات البسيطة جدا أن ينتج مسلسلا ما زال في الذاكرة السعودية، فقد تعاطى مع المرحلة بكل جدية واجتهد وقدم وقد كان داخل الدائرة وحيداً إلا من مجموعة من الداعمين على استحياء، ولكن أعطى ما استطاع وقدم المسلسل أغنية التتر بصوت الفنان «عبادي الجوهر» التي أصبحت علامة من علامات تلك المرحلة، وظهر تقدم بل وتجاوز الأغنية السعودية على الدراما السعودية بمراحل وسنوات ضوئية.

لنصل بعد ذلك إلى مرحلتنا الآن مرحلة الانفتاح والدعم الكامل للفن والفنانين لنجد هذه المهازل، نعم إنها مهازل مكتملة العناصر لا تليق إطلاقا بمكانة الثقافة السعودية وحصولها على جوائز إبداعية عربية، وفي عصر الفضاء المفتوح نقدم الدراما السعودية التي تستجدي الضحك و«الطقطقة» بأسلوب ممجوج وبحركات تافهة لا تليق أبداً بالمنجز الثقافي السعودي.

ولك أن تشاهد أي مسلسل سعودي على أي قناة وتطبق ما ذكرته لتجد أنه مثال ممتاز على ذلك! حتى مناقشة القضايا العميقة والحساسة تأتي على لسان شخصية متلاعبة متلونة منبوذة أخلاقياً في المسلسل، ولنا في مسلسل مخرج 7 مثال! فمناقشة القضايا المهمة لا تأتي بهذه السطحية ونحن نعلم دور الفن في ذلك! والغريب أن مشاركة الفنانين الخليجيين في مسلسلاتنا السعودية يأتي باهتاً سطحياً أقصد هنا الأداء، بعكس مشاركاتهم المتعددة والمختلفة في مسلسلاتهم المحلية! لماذا؟!

الوقفة الحقيقية والنقد الجاد هو الخطوة الأولى، ثم تأتي الرقابة نعم الرقابة على الإنتاج والأداء والإخراج بتكوين لجنة رقابة فنية من مبدعين سعوديين ترشحهم وزارة الثقافة لوزارة الإعلام، فلا يتم شراء مسلسل سعودي وعرضه إلا بعد أن يستوفي الشروط الفنية الكاملة حتى تظهر الدراما السعودية بشكل يليق بنا، سيصرخ البعض أننا لا نريد وصاية وسترتفع الأصوات مطالبة بحرية الإبداع! هنا لابد أن نعي الفرق جيدا بين حرية الإبداع والفوضى!

* كاتبة سعودية

monaalmaliki@