-A +A
إدريس الدريس
مع الفضاوة وملازمة البيوت التي لا نبرحها هذه الأيام، جلست أفكر في أحوال البشر وما سيحدث بعد انقشاع أزمة كورونا، فوجدت أن الناس ستندفع في البداية إلى السفر براً وجواً وسترتفع أجور الطيران وكذلك أسعار الفنادق نسبة لتدافع الناس وارتفاع الطلب على الحجوزات وسيسافر كل قادر إلى أي بلد يتوفر، فالمهم هو الانعتاق بعد هذا الحبس القدري.

أيضاً سيكثر الإنسان من كل شيء كان حرم منه خلال الأزمة، ولذلك ستمتلئ الجوامع بالأتقياء المعلقة قلوبهم بالمساجد شوقاً وحمداً وابتهالاً، وبالمقابل ستمتلئ الأندية والملاهي وأماكن الترفيه بروادها، وربما تكون الجائحة الكورونية قد عالجت وخلصت كثيراً من المدمنين من بعض عاداتهم التي عجزوا عن تركها فكانت ملازمة البيت القسرية سبباً في ذلك.


الأكيد أن وباء كورونا سيغير وجه العالم وستتبدل مواقع العديد من الدول على رقعة الأرض وستتقدم بعضها وترتد أخرى، وذلك بحسب الموجودات الاقتصادية والبنى التحتية والتفوق البشري، وسيزداد التائبون المحتسبون إيماناً، وسيمضي الهائمون في هيامهم وسيعبّ كل عطشان من معينه، أيضاً ستُخرج لنا أزمة كورونا كوامن الإبداع البشري في الإنتاج الأدبي والشعري والروائي والسينمائي وسنضحك كثيراً مع كثير من مفارقات كورونا الكوميدية وقد نحزن على ما قد نراه لاحقاً من التوثيقات المرئية والمرويات المجتمعية.

المهم أن كورونا سيجعل الكون وساكنيه أنظف وأطهر وأتقى وستزداد العناية بالصحة، ولابد أن يقلل الصينيون من أكل كل ما يدبُ على الأرض، وسيحدث عند بعض الناس إفراط ولبعضهم تفريط لكنها اندفاعة الممنوع المحبوس، فكل ممنوع مرغوب لكن هذا التطرف سيعود بعد حين إلى حالة التوسط والتوازن وسيبقى الخير والشر كما هو دائماً حالة نسبية.

أخيراً.. إن هذه النظرات مجرد همهمات محبوس، علشان ما تقولون الأخ إدريس صار ميشيل حايك على غفلة.

* كاتب سعودي

IdreesAldrees@