-A +A
طارق فدعق
للدجاج مجموعة من الأدوار غير المتوقعة في حياتنا، ولا أقصد هنا كون هذا الطير الرائع إحدى النعم الغذائية الكبيرة. وقد وجدت مثلاً أنني التهمت سبع دجاجات خلال هذا العام الهجري.. وأعتقد أنها من نفس العائلة لأنها كانت نسخة طبق الأصل من بعضها البعض، وكانت أيضاً من نفس المصدر. ولكن كما ذكرت أن مفاجآت الدجاج كثيرة وغير متوقعة. وجدت مثلاً أن إحدى الخطط الدفاعية الكبرى خلال الحرب الباردة كانت تعتمد على الدجاج كأحد مكوناتها. وأقصد هنا إحدى الاستراتيجيات العسكرية المحكمة ضد مهددات اقتحام أوروبا الغربية من قبل قوات حلف «وارسو» الموالية للاتحاد السوفييتي. كانت إحدى المخاوف الرئيسة في الحرب الباردة التي بدأت في الأربعينات بعد نهاية الحرب العالمية الثانية هي أن تقوم القوات السوفيتية وأتباعها بالهجوم على أوروبا الغربية والاستيلاء على خيراتها. وللعلم، فخلال القرن العشرين كان هذا النمط من النهب للبلدان والأقاليم ضمن تصنيف «موغلط». حكومات تدعي الحضارة والرقي والديمقراطية «يعني.. يعنى»، ولكنها لا تتردد في الاعتداء على جيرانها. وهذا الوصف هو مختصر لما حصل في الحرب العالمية الأولى ثم بعد انتهائها في الحرب العالمية الثانية بعد إحدى وعشرين سنة. وفضلاً الملاحظة أن العديد من الحدود الطبيعية للدول الأوروبية هشة جداً فلا توجد سلاسل جبال منيعة، ولا محيطات، وبحار، وصحارى لتكبح النذالة السياسية وطموحات التوسع. ونظراً لوجود مخاطر الاجتياح من الدول الموالية للاتحاد السوفيتي لبلدان حلف ناتو الموالي للولايات المتحدة، تم وضع مجموعة خطط وتدابير شملت الألغام النووية المحدودة. وفضلاً خليكم معي.. الدجاج جايكم بعد حوالى ٢٥ كلمة.. وضع الإنجليز وحلفاؤهم خطة هندسة التحكم في تلك الألغام النووية تشمل غرف تحكم بدائية تحت الأرض. وأحد متطلباتها كانت المحافظة على درجة حرارة معينة. وكان ذلك مكلفاً جداً لو تمت تدفئتها بالطرق التقليدية، ووجدوا الحل في الدجاج. فضلا لاحظ أن الطيور من المخلوقات التي تحافظ بإرادة الله على درجة حرارة أجسامها عند الأربعين درجة مئوية تقريباً. يعني تشع حرارة وكأنها «لديتر» سيارة «بيوك».. ومن هنا نبعت الفكرة لوضع مجموعات من الدجاج في غرف التحكم لمقاومة البرودة الشديدة ومعها أكلها. تخيل أن إحدى المنظومات الدفاعية النووية لحلف الأطلسي «ناتو» كان من المفروض أن تشمل الدجاج. ولا يعلم أحد إن كانت تلك التدابير قد نفذت فعلاً على نطاق واسع، وعلى كل حال، فالمشروع كان يتميز بالغرائب ومنها اسمه الحركي وهو «الطاووس الأزرق».

أمنية:


تتحفنا مفاجآت الدجاج العجيبة اليوم وكل يوم. وقد وجدت أن أحد أهم الناخبين في انتخابات رئاسة الولايات المتحدة القادمة اسمه «بودجاج» ولا علاقة له بالطيور رسمياً ولا فعلياً ولا سلوكياً. تخيلوا لو أصبح أبو الدجاج رئيساً لأمريكا؟ يعني لو زار المملكة هل تكون وقفته الأولى في مطعم «الطازج»؟ أتمنى أن نستكشف طرائف الدجاج بأبعادها المختلفة فهي من نعم الله العجيبة..

وهو من وراء القصد.

* كاتب سعودي